خالد الربيعان
المئات في الشوارع يصرخون بانفعال: «عائلة جليزر ترحل! مانشستر يونايتد نادٍ وليس شركة!»، ولكن الواقع يشهد بأن «آل جليزر» - وهم الأسرة الأمريكية المالكة له - لن يحولوه إلى شركة، بل هو كذلك.. حولوه فعلاً.. فعل ماضٍ! والسهم الخاص بـ«شركة مانشستر يونايتد» موجود أمامك عزيزي القارئ على شاشة الإنترنت في حدود الـ17 دولارًا في بورصة نيويورك!
أما في دول المشرق العربي مثلنا فالأبواق الإعلامية تصرخ أيضًا، ولكن تطالب بالعكس: حولوا الأندية إلى شركات! فهناك أندية عربية يحجزون على حافلاتها لعدم سدادها ديونها في البنوك.. أراك تقول: لحظة من فضلك! أين البوصلة؟ أين الصواب والخطأ؟ نادٍ أم شركة؟.. «ارسوا بنا على بر»!
والجواب عن هذا السؤال المطروح «بالطريقة الشعبية»: إنه لا يوجد بر! فسواء ناديًا أو شركة، ملكية حكومية أو كان النادي «مخصخصًا»! لا يفرق! الفارق كله يكمن في: (طريقة الإدارة)؛ فجماهير مانشستر يونايتد لو نظرت أسفلها على خريطة إنجلترا سترى ليفربول ومالكه الأمريكي «جون هنري»، فهو شركة أيضًا.. ولكنها ناجحة.. انظر إلى أسماء النجوم هناك، إلى إنجازات النادي في السنوات الأخيرة، وأدائه الفني اللافت للنظر.. صاحب ذلك أداء مالي ممتاز أيضًا؛ فحقق لأول مرة في تاريخه 125 مليون باوند أرباحًا العام الماضي!
وهناك أندية «ملكية حكومية كاملة»، كريال مدريد وبرشلونة، وهي نماذج ناجحة أيضًا، والفارق هنا هو إدارة فلورنتينو بيريز في ريال مدريد التي جعلت النادي الإسباني يصنف الأغنى عالميًّا بقيمة 4.2 مليار دولار في حالة بيعه في اللحظة الحالية! وإدارة بارتوميو في برشلونة، وهو الثاني في ترتيب أغنى الأندية بقيمة 4 مليارات!
وهناك أندية مزيج بين الشركة والنادي! أداء فني وإنجازات لا بد، ومعها إنجازات مالية وإيرادات كل عام لا بد أن ترضي أعضاء مجلس الإدارة والجمعية العمومية، مثل بايرن ميونخ، يمشي على القانون الألماني الصارم الذي يعتبر الأندية «إرثًا قوميًّا»، ولا يجب أن تزيد ملكية المستثمر على 50 في المئة، بايرن 70 في المئة منه ملكية حكومية باسم شركة هي FC Bayern München AG، تم إنشاؤها في عام 1900، والباقي مقسم على ثلاثة مستثمرين «ألمان»، هم: «أديداس»، و»أليانز»، و»أودي» أحد أعضاء «فولكس فاجن» أعرق مصنعي السيارات في ألمانيا، ومقرها في بافاريا مقر نادي بايرن نفسه.
والأنجح من النماذج الثلاثة هو النموذج الألماني (ملكية حكومية + تخصيص جزئي)، وهو نموذج لا يحتاج إلى بحث أو شديد ملاحظة لنعرف مدى نجاحه؛ فالدوري هناك (البوندزليجا) الثالث عالميًّا في أهميته وفنياته وتسويقه، ضيف دائم من خلال ممثليه من الأندية الألمانية على منصات التتويج الأوروبية، هذا داخل الملعب، أما خارج الملعب فالأندية الألمانية تحقق «إعجازات» مالية وليس «إنجازات»؛ فبايرن العام الماضي في خزانته 478 مليون دولار من بيع تذاكر المباريات، ومن البث التليفزيوني 814 مليونًا. أما من أنشطة الاستثمار والتسويق الرياضي فـ1.3 مليار دولار! وهو رقم يتفوق به على أي نادٍ في العالم بهذا الخصوص، خصوص «الأنشطة التجارية والتسويقية ومداخيلها».
عودة لإنجلترا حيث مشكلة مانشستر يونايتد الذي تشعر وكأنه يفقد «هيبته»، إدارة «فاشلة» على المستوى الفني، ناجحة على المستوى المالي الذي قلنا من قبل إنه: لا يهم الجماهير بالمرة! والحل هو الرجوع لأصل مشكلة يونايتد: وهي رحيل السير أليكس فيرجسون! و»البحث عن بديل له هو الحل»؛ لأنه سيتعاقد مع بيكهام جديد.. وروني جديد.. وكريستيانو رونالدو جديد!
رسالة لمستر وودورد!
السيد إد وودورد المدير التنفيذي لمانشستر يونايتد ليس عنده إلا النادي الأكثر جماهيرية في العالم.. 650 مليون شخص حول الكرة الأرضية، وهو كلام يعجب (ويجذب) الرعاة والمستثمرين، لكنه يتناسى أن الجماهير الحقيقية هي الإنجليزية التي تملأ مدرجات «أولد ترافورد».. التي سترحل بلا رجعة إذا فقد النادي هيبته على يد «أطفال كرويًّا» كـ«بوجبا ولينجارد، ومارسيال وراشفورد»!