شريفة الشملان
كان محور الكتابة عن بنات المؤسسات الاجتماعية لمقالين مضيا، التغيرات في حقوق المرأة وفي سن الرشد، هذه من أجمل المنجزات التي حصلت المرأة عليها. ربما بعضنا لم تزده هذه ولم تنقصه، قيادة السيارات هي التي عمت فرحتها للجميع وكانت حق حرمنا منه طويلاً.
ظهرت إشكالية الفتيات اللواتي تتولى الدولة أمرهن متمثلة في وزارة التنمية الاجتماعية والعمل، فهي قد ربت وعلمت ودرست اليتيمات وكبرن ولهن حقوق ودين لهذا الوطن.
تعلمن وتخرجن ويعملن، كاملات الأهلية للخروج من الدور والتمتع بحياتهن خارجها مادية ومعنوية.. بالطبع لا غبار على ذلك، لكن الفتيات لا يرغبن خوض التجربة وربما يخشين من عواقب غير متوقعة.. لذا فالخروج مؤجل حتى الزواج (وضعت نماذج لفتيات تزوجن وكون أسرهن الجميلة ويعملن).
نحن نمر بمرحلة انتقالية، تنتقي الفتيات حياتهن، والنظرة العامة لا تشجع أبداً على استقلال الفتيات بعيشتهن دون عذر مناسب، كأن تكون أرملة أو مطلقة أو يتيمة تنفصل عن أخوتها وأسرهن مما يجعلها تعيش مع صغارها بأمن وسلام دون أن تؤثر على حياتهم وحياتها وصغارها. هذا كله غير موجود في حياة بنات وخريجات دور الأيتام. في الشرقية على الأقل.. ومؤكد للعاملات الراشدات منهن الحق في السفر والعودة متى ما رغبن بذلك ولا أظن أن وزيراً أو وكيلاً سيعترض، وإن اعترض لن يستجاب له حسب نص النظام.
كنت قلت في البداية أن الدولة (الوطن) ربى وأسس وبنى شخصيات ومن حق الدور رد الجميل، قد يخالفني الكثيرون ولكني أضع رأيي هنا وهو نعم للفتيات والدار دار الدولة والتمتع بها بعد التخرج والعمل يعتبر ضيافة ككرم من الدولة، وبما أن الدولة تهتم حتى بمسألة الزواج وتكوين الأسرة وأحياناً تكون أكرم من الأسر الطبيعية، لذا أرى أن تكون الفتاة العاملة مسؤولة عن احتياجاتها الشخصية، وكرد للجميلة يمكن للفتاة المساهمة برعاية أحد الصغيرات.
إذا انتهينا من دور التربية وهي صورة مشرقة للدور الاجتماعية الأخرى، نعود للمؤسسة رعاية الفتيات، سجن للأحداث حتى الثامنة عشرة، والنظام جعل سن الرشد واحداً وعشرين عاماً. لذا عندما تنتهي المحكومية، فمن لا تسلم لذويها لعدة أسباب من بينها رفض الأسرة، مما يشكل خطراً عليها، أرى أن تأهيل الفتاة وتمكينها من فرص عمل، المساعدة على إنهاء دراستها، وفي حالة رغبت بالخروج قد بلغت سن الرشد ولا خوف عليها فأرى أن يسمح لها في الخروج، وهي راشد تتحمل مسؤولية حياتها كاملة. قد توصي المشرفات والإخصائيات الاجتماعيات بالمتابعة وهذا أمر جيد لمدة ستة أشهر لا غير.
بالنسبة للسيدات اللواتي يلجأن لدور الحماية وبعضها يطلق عليها ضيافة، وهي المفروض ضيافة لمدد قصيرة حتى تستسهل أمورهن، بما يساعدهن على العودة للحياة الطبيعية، خاصة من لهن أطفال ويعملن، ومن مهمات الدور تضيق الفجوة بينهن وأسرهن، وبما أن النظام الحالي سهل للنساء مباشرة أمورهن بأنفسهن، الحاجة لدور المفروض تتقلص للحد الأدنى.
بكل تأكيد كلنا ضد العقوق ولكنا ضد استغلاله استغلالاً سيئاً مما يؤدي لمحاكم وما إليها، خاصة عندما تكون السيدة عاملة عليها مساعدتهم وإن كانت شرعاً ليست ملزمة بالإنفاق، يؤلمني أن أقول ذلك ولكن هذا هو الشرع، لذا فإن رفع دعاوى عقوق ضد النساء لم يعد لها مبرر. وعلى المحاكم رفضها خاصة بوجود أبناء ذكور، بالوقت ذاته أشدد على البر والإحسان بالوالدين.
السيدة التي تعمل وتقيم في الدور الاجتماعية لمدد قد تطول لابد أن تدفع مقابل الإقامة والحماية، الدولة لن تحتاج لما تدفعه لكن ما دامت تستطيع ذلك فهو يعلمها أيضاً التكفل بنفسها ومن تعول. أعرف أن مجتمعنا يمر بأصعب فترة وهي انتقاله من حال لحال، والأمر تغير كثيراً على الجيل المخضرم. بالوقت ذاته هناك جزء كبير منه لم يتغير عليه إلا قيادة السيارة وفتح مجالات أوسع لعمل المرأة وهذا أيضاً يعيدني لبداية المقال فلن تعدم من لجأت اضطراراً للمؤسسات الاجتماعية الحصول على وظيفة تسترها وتقيها شر الحاجة.
وللجميع مني خالص الدعاء بالسعادة في الدارين،،،