د. حمزة السالم
مصطلح المرونة يصعب على الكثير إدراكه، وإن كان البعض يفهمه فهماً ضبابياً. وبكل بساطة وشمول، فالمرونة تعني استجابة تغيير كمية سلعة أو خدمة كرد فعل لتغير السعر أو الدخل. وهنا يلاحظ أننا نقيس استجابة إنتاج حقيقي - سلعة خدمة - لتغير في نتاج نقدي غير حقيقي.
إن مرونة الطلب هي نسبة استجابة التغير في كمية الطلب على السيارات كرد فعل نسبة التغير في السعر «ونحوه» كسعر صرف أو الدخل. فلو زادت الأسعار مثلاً 50 في المئة، والطلب نقص بأقل 50 في المئة، فهنا يُقال إن الطلب غير مرن. ولو نقص الطلب بأكثر من 50 في المئة، فهنا يقال إن الطلب مرن. وما ينطبق على الطلب ينطبق على العرض. فللمرونة تطبيقات واسعة كثيرة، ممتدة عبر علوم الإدارة كلها، وتدخل في كثير من العوامل الاقتصادية الحقيقية والنقدية. وهي تتعدى الطلب والعرض لسلعة ما فيشمل قياس المرونة بين السلع. فمثلاً: كنسبة استجابة التغير في الطلب على أوبر، كرد فعل على زيادة أسعار المترو.
وكالدخل مثلاً، فتقاس مرونة نسبة الاستجابة لاستهلاك سلعة معينة، استجابة لنسبة الزيادة أو النقص في الدخل. كنسبة زيادة الطلب على الشقق، لنسبة زيادة في الدخل.
ونحن نسمع كثيراً أنه لو فرضت ضريبة على سلعة أو خدمة ما، فإن التاجر سيمرر هذه الضريبة للمستهلك. ويسببون ذلك: بأن الضريبة كلفة على الإنتاج، فستدخل في عموم الكلفة الإنتاجية. والجزء الثاني من الكلام صحيح، إلا أن أوله ليس دقيقاً.
فالمنتجون أو التجار، يسعون لطلب الربح، أو على الأقل تغطية أجور عملهم. إذاً فهناك مساحة لأن يتحمل التاجر أو المنتج الضريبة أو بعضها، فيمتصها على حساب زوال ربحه بل وحتى على تخفيض أجر عمله، لخوفه من ضياع حصة منتجه في السوق، بسبب عزوف الناس عن سلعته لسلعة أخرى مشابهة. وهنا تدخل المرونة، فتقرر للتاجر النسبة التي يتحملها المستهلك، والنسبة التي يجب هو أن يتحملها ليحقق الحد الأعلى من الأرباح.
والضرائب على الأراضي السكنية، تبين مفهوم المرونة تماماً. فبما أن الأراضي لا تُتنج ولا تُستورد، لذا فكمية العرض في سوق الأراضي السكنية - في الأحوال الاعتيادية ستكون ثابتة. اللهم أنه في ظروف خاصة، يمكن أن تنقص كمية الأراضي السكنية في السوق وتزيد، وذلك بإخراجها من العرض إذا انخفضت الأسعار، ثم إعادة إدخالها إذا ارتفعت الأسعار.
وهذا الوضع شاذ ولا يمكن أن يكون أو يستمر على المدى الطويل، إلا في حالة عدم وجود كلفة من احتكار الأرض السكنية. فمتى وُضِعت على الأراضي السكنية ضريبة، تكون نسبتها أعلى من نسبة التضخم، حينها يصبح عدم عرض الأرض في السوق مكلفاً، فيُجبر العاقل على إدخالها السوق، فيصبح الوضع طبيعياً، وتصبح كمية عرض الأراضي السكنية ثابتة. ولا يتناقص العرض إلا ككل، مع بيع الأراضي وبنائها.
ومادام المستهلك قد بذل حده الطبيعي في بذل السعر، وما دام هناك كلفة سنوية تزيد على التضخم على الأراضي السكنية غير المستغلة فإن ذلك سيستجلب خسارة سنوية للملاك (= الضريبة - التضخم).
فمن ثبات العرض ومن بذل الطلب طاقته السعرية، فالنتيجة أن المُلاك هم من سيتحملون الضريبة، وإلا فلن يجدوا زبوناً لها، فتصبح أراضيهم السكنية عبئاً مادياً عليهم.
وثم بعد رجوع السوق لوضعه الطبيعي بالضريبة، نستطيع أن نقول بلغة المرونة «إن مرونة الطلب على الأراضي في السوق الطبيعية تكون لا نهائية». ذلك لأن أي نسبة تغير إيجابية في السعر ستسبب استجابة سلبية 100 في المئة في الكمية.