فهد عبدالله العجلان
«الإيمان يمان والحكمة يمانية...»، حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عن أهل اليمن، تاريخ ويقين لا بد من استشعاره اليوم من جميع القيادات والشعب اليمني، فالوضع الذي تتجه إليه اليمن يتطلب أعلى درجات الوعي لتقديم المصلحة العليا للأرض والإنسان بعيداً عن المكاسب السريعة والحسابات الحزبية والمناطقية الضيِّقة.
نموذج الدولة الفاشلة «failed state» هو الهدف الذي جاء به مشروع الربيع العربي المزيّف الذي تدثّر بلبوس الديمقراطية كذباً لتتحول الدول الموحّدة القوية إلى ميدان معارك وخلافات لا تستكين إلا بتدخلات الخارج وتقسيم أوصال الوطن الواحد، والمناخ المتصاعد من الخلاف والاضطراب اليوم في اليمن لن يسعد ويثلج صدور سوى إيران الصفوية التوسعية وتركيا العثمانية العنصرية اللتين تقتاتان على خلافات العرب ونزاعاتهم وخصوصاً أبناء البلد الواحد، ولذا فإن دعوة المملكة لإخوتها في اليمن إلى حوار جدة رسالة حاسمة للأعداء أن ثمة حضناً وقلباً صادقاً وقادراً على صنع السلام واحتواء الخلاف لأن اليقين السعودي لا يرى في الدم اليمني إلا أنه غال يتجاوز المكاسب السياسية وأي توجه غير ذلك فهو خيانة لتاريخ اليمن وأبنائه!
صدق الحوار اليوم يتطلب الوقف التام لجحافل المغرِّدين وخطابات وسائل الإعلام التي تجيّش الحل العسكري بين اليمنيين، وهذه النرجسية التويترية التي تبحث عن الانتصارات الوهمية في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لن تكون في تاريخ اليمن سوى صفحة سوداء لن ينساها اليمنيون قبل الأشقاء، فالهدف الأكبر اليوم للمملكة ومن خلفها تحالف دعم الشرعية هو إنهاء الانقلاب على الشرعية اليمنية ودحر المشروع الإيراني الذي يتغلغل بسبب الخلافات والصراعات، فالمملكة تدرك يقيناً أن عمقها وأمنها القومي باستقرار ورفاه أشقائها.
الحوار اليمني يمتلك أرضية صلبة تستند إلى المرجعيات الثلاث، قرار مجلس الأمن رقم 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وهذه المرجعيات تمثّل التزاماً أساساً لتحالف دعم الشرعية وهي إطار الحوار بين اليمنيين ودعامته لتخليص اليمن من الانقلاب على شرعيته ليختار اليمنيون بعدها ممثليهم وفق ما يحدده الدستور اليمني الجديد، والبيان السعودي الإماراتي الأخير دلالة وتأكيد أن تحالف دعم الشرعية، لا يزال ملتزماً بالحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وتخليص اليمنيين من الانقلاب الحوثي، ورفض الصراعات التي تحيده عن تحقيق هذا الهدف!
دعوة المملكة لليمنيين للحوار وتنقية الأجواء بين الإخوة تنبع من استشعارها الدائم لمسؤولياتها تجاه الأشقاء في اليمن، والكرة الآن في مرمى القيادات اليمنية للنأي بمصالح البلاد والعباد عن الحسابات الحزبية والمناطقية الضيِّقة، ومبادرة «استجابة» التي أطلقها مركز الملك سلمان للإغاثة، بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان اليمنية، لعلاج المصابين ورفع معاناتهم جراء الأحداث الأخيرة تؤكّد أن التحالف بقيادة المملكة ملتزم أيضاً بالحضور والدعم الإنساني لإخوته في اليمن دون تفرقة بين أبنائه.
ثقة وإدراك اليمنيين لصدق ومحبة المملكة ممثلة في قائدها الملك سلمان وولي عهده الأمين واستجابة الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي لدعوة الحوار في جدة، يقين بأن نتائجه والداعمين له يستهدفون مصلحة اليمن ومواطنيه أولاً وأخيراً، فاليمن حصن العرب الذي لا بد أن يكون عزيزاً ومنيعاً مهما استهدف وحاول الأعداء خلخلته وتمزيقه!