م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. يسمون السرطان بالمرض الخبيث والحقيقة أن الاكتئاب هو المرض الخبيث.. أليس الخبيث هو المحتال المخادع الذي يهاجمك وأنت لا تدري به؟.. فالأورام السرطانية يمكن اكتشافها بالأشعة.. وكون الطب تأخر في إيجاد علاج له لا يجعل منه خبيثاً، بل مرضاً بذيئاً مجرماً.. سَمِّه ما شئت لكنه ليس بخبيث.
2. المرض الخبيث هو الذي يغتالك ببطء.. يجتاحك وأنت لا تدري ما هو أو ماذا يريد أو كيف يعالج.. فقط يتغلغل في جسدك ويتسرّب في حواسك وأنت تراقب بلا فهم لكن بحزن شديد ولا تدري ما السبب.. تشعر بالضعف والرغبة في الوحدة والاستغراق في الهموم التي لا تدري ما هي ولماذا هي تجتاحك هكذا بلا مبرر أو سبب.
3. المجتمعات بمختلف لغاتها تصف من أصيب بالاكتئاب بأنه (وقع في الكآبة).. فهي كالفخ الذي يصيد ضحيته.. فالاكتئاب ليس عارضاً مرضياً إن لم تحترس منه يصيبك.. فليس له ارتباط بالغذاء أو الهواء أو الفقر أو الغنى أو السن.. هو فخ إن دُرْت حوله واصطادك فقد وقعت في حبائله.. فيأخذك في رحلة طويلة تنقاد إليها كالبهيمة الموجوعة.. لا تدري أين أنت وإلى أين أنت ذاهب.. كل الذي تدريه أنك تريد الخلاص سريعاً حتى لو بذهاب حياتك!
4. المكتئب ليس له ليل ولا نهار.. فكل الذي يتذكره هو الماضي.. أما المستقبل فهو ما يخشاه ويخاف منه.. أما حاضره فهو وجع وشرود وقلق وريبة يسعى إلى الخلاص منها.
5. الاكتئاب يجعلك تفقد السيطرة على قدراتك التي تملكها.. فلا تعرف كيف كنت تعمل وتنتج.. ولا تعرف كيف كنت تتصل بالناس وتخاطبهم.. ولا تعرف كيف تشرح نفسك وتعبر عنها.. فقط تحس بالحزن العميق وانسداد الأفق وكأنك في نفق بلا نهاية.. ينزعج منك زملاؤك في العمل.. ويبتعد عنك أصدقاؤك.. وتتوتر أسرتك.
6. الاكتئاب يصيب الضحية بفقدان الطاقة لذلك تراه يسحب قدميه ويحدق في الأرض إذا مشى.. ويطأطئ رأسه إذا وقف.. تبدو ملامح الحزن ظاهرة على وجهه.. كل شيء يستفزه فهو متوتر دائماً.. لديه شعور عالٍ بالذنب.. تركيزه ضعيف.. نسيانه متكرر.. نومه متقطع.. شهيته للطعام مفقودة.. مع رغبة عالية في الانعزال عن الناس.. وعدم اهتمام بمظهره الخارجي مع عدم مبالاة مفرطة.
7. المكتئب يحزن عليه أهله ويبدأون بوصف علاجات له أو محاولة تحديد الأسباب.. فمنهم من يعيدها إلى أنه بعيد عن الله.. وآخر ينسبها إلى عين حارة.. وآخر يرى أنه يعيش حالة وهم سوف يفيق منها قريباً.. ومنهم من ينصحه بأدوية وأعشاب أو سفر إلى غير ذلك.. وهو يدور حول نفسه.. حتى يقتنع أن هذا هو قَدَره الذي لا فكاك منه.. فينتابه اليأس فينتكس.