خالد بن حمد المالك
تعد وزارة الطاقة إحدى أهم الوزارات المفصلية في حركة النمو والتطور التي تشهدها بلادنا، فهي المعنية على مدى عقود بالمصدر الوحيد - أو شبه الوحيد - عن إيرادات الدولة من خلال تسويق النفط وبيع أرامكو له في أسواق العالم، وأهمية الوزارة تأتي من كون المملكة أكبر مصدر للبترول، وتملك أكبر احتياطي منه، وإنتاجه الذي يصل إلى أكثر من عشرة ملايين برميل يوميًا يجعلها قادرة على أن تتحكَّم بأسعاره لولا أنها تلتزم مع شركائها في أوبك وخارج أوبك بتفاهمات وسياسات دائمة لضمان استقرار الأسعار، بما يخدم المنتجين والمستهلكين، وبما لا يعرِّض الاقتصاد العالمي إلى الانهيار، فيما لو تعرَّضت أسعار هذه السلعة العالمية إلى الفوضى والتقلّبات المضرّة بالجميع.
* *
الأمر الملكي الذي قضى بتعيين الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزيرًا للطاقة له وجوه عدة، وقراءات تكمل بعضها البعض، ويعطي الأمر الملكي إشارات مهمة عن مرحلة قادمة في التعامل مع سلعة تمثِّل للمملكة وللعالم أهمية قصوى، إذ لا يزال البحث عن بدائل للنفط عاجزاً ولم يستطع أن يهمّش أو يضعف من الاعتماد على النفط كسلعة لا غنى للاقتصاد العالمي عنها، وفي كل هذا فوزارة النفط تحتاج إلى خبير نفط مجرب، ولديه من التأهيل العلمي والخبرات المتراكمة ما تتوفر بامتياز بمواطن كعبدالعزيز بن سلمان، الذي أحسن الملك وولي عهده في اختياره لهذا المركز بعد أن ظل سموه على مدى عقود يتدرَّج بوظائف الوزارة، ضمن السلم الوظيفي فيها، إلى أن أصبح الرجل الثاني في الوزارة، قبل توزيره لها.
* *
وللحق، فإن عبدالعزيز بن سلمان كان مؤهلاً بما يتوفر فيه من صفات ومواصفات ليكون هو الوزير المناسب قبل هذا التاريخ بسنوات، غير أن حكمة القيادة، ورؤيتها، وموازينها المعتبرة، هي التي تحدد الوقت المناسب، وهي التي تختار الرجال الأكفاء للأماكن المناسبة، وهي من لها نظرتها حين تؤخّر القرار، وتؤجّل ما كان قابلاً للتأجيل، في تصرّف يكون لمصلحة الوظيفة، ومصلحة من يقوم بمسؤولياتها، وبالتالي مصلحة المملكة، وفي ظني أن هذا هو ما أخّر القرار، وهو ما حدّد زمانه، فالمرحلة الحالية بالنسبة لوزارة الطاقة من حيث قيادتها وإدارتها هي مرحلة عبدالعزيز بن سلمان، وهذا تفسيري وفهمي لتوقيت صدور الأمر الملكي بتعيينه وزيرًا لها.
* *
والوزير الجديد للطاقة لا يمكن النظر إليه بمعزل عن عملية إصلاح كبيرة وشاملة تجرى في عهد الملك سلمان لهيكلة أجهزة الدولة، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 وبما ينسجم مع المعيار الأول في الترشيح لمقام خادم الحرمين الشريفين، حيث يرى ولي العهد أن الكفاءة وقدرة المرشح على تحقيق مؤشرات الأداء المطلوبة هي هذا المعيار، وهي تتوفر في الأمير عبدالعزيز بن سلمان الذي هو أحد أبرز خريجي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المرحلة الجامعية متخصصًا في علوم الإدارة الصناعية، والماجستير في الإدارة الصناعية، فضلاً عن أنه عمل بالوزارة وزيرًا للدولة لشؤون الطاقة، ونائبًا للوزير، ومساعدًا للوزير لشؤون البترول، ووكيلاً للوزارة لشؤون البترول، ومستشارًا للوزير، ومديرًا لإدارة الدراسات الاقتصادية والصناعية بمعهد البحوث في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وغيرها كثير.
* *
وفي شأن آخر، فعبدالعزيز بن سلمان، كان ترأس الفريق المعني بإعداد الإستراتيجية البترولية للمملكة، وله دور في إنجاز أول إستراتيجية أقرّتها منظمة أوبك، ودوره كبير في إقامة المركز السعودي لكفاءة الطاقة، إلى جانب رئاسته للجنة التنفيذية لحوكمة تعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه، وهو من أعد المسودة الأولية لنظام مركز الملك عبدالله للدراسات البترولية، وغير ذلك من المهام واللجان والمسؤوليات التي تضيق مساحة الزاوية عن استيعابها، أي أننا أمام شخصية ملهمة ومبهرة بإنجازاتها وخبراتها وتأهيلها العلمي، وقد جاء الأمر الملكي بتعيين الأمير عبدالعزيز بن سلمان متزامنًا مع ما تشهده المملكة من تطور يقوده الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.