فهد بن جليد
لا أطرح هذا السؤال المُحيِّر جزافاً، فالتجارب التليفزيونية (الفاشلة) التي خاضها بعض نجوم وسائل التواصل الاجتماعي ممن علا نجمهم وحققوا شهرة عالية، تثبت أنَّ العمل ذو الإطار والحدود الإعلامية المُتعارف والمُتفق عليها هو (مقبرة) لشهرة هؤلاء، عندما يأفل نجمهم ويخفت ويخبو ذكرهم لأنَّهم لم يستطيعوا إقناع الناس بقبولهم وتقبلهم خارج الدائرة التي اشتهروا وعُرفوا من خلالها، وهذه نصيحة أقدمها دوماً لنجوم وسائل التواصل الاجتماعي بالابتعاد عن خوض تجارب تقديم البرامج أو إدارة الحوارات أو تصدر المشهد الإعلامي على شاشات القنوات الفضائية، بشكل لا يتناسب مع قدرات وإمكانات هؤلاء الثقافية والعلمية والاجتماعية، وأحياناً أشعر أنَّ هناك (مؤامر تلفزيونية) تقوم بها بعض القنوات باستقطاب أمثال هؤلاء المشاهير لجذب جمهورهم الذي اعتاد على رؤيتهم وإعادتهم بذكاء إلى الشاشة مرة أخرى عبر سذاجة هؤلاء النجوم، وبعد تغطية تكاليف تلك البرامج بالإعلانات مع عدد المُتابعات الأولية المُتزايد لمعرفة أداء النجم وكيف ستتم الأمور؟ يتم إسقاط هذا النجم بكشف حقيقته وأنَّه فارغ وعاجز عن تقديم أي محتوى لائق خارج (السخرية أو الابتذال) الذي يمارسه في حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي هو سرُّ شهرته، ما يؤكد أنَّ المُتابعات لم تكن إعجاباً حقيقياً وتميزاً بقدر ما كانت فضولاً من المُتابعين فقط، سيتوقفون عنه عند أول اختبار أو مُفاضلة حقيقية.
الشواهد كثيرة -لن أذكر أسماء- ولكن أين هم أغلب نجوم وسائل التواصل الاجتماعي الذين قدّموا برامج على شاشة التلفزيون سابقاً؟ فلا هم استطاعوا الاستمرار كإعلاميين أو نجوم على الشاشة، وتكرار التجربة لموسم أو موسمين، ولا هم نجحوا في العودة إلى شهرتهم السابقة التي خرجوا من عباءتها، إنَّه أمر مُحزن لمُستقبل هؤلاء وإيجابي للتخفيف من آثارهم وتأثيرهم.
لا يمكن مقارنة تحوّل نجوم السوشيال ميديا إلى تقديم البرامج على الشاشة بتجارب سابقة بعضها نجح وأغلبها فشل (لفنانين ومطربين) سعوديين وعرب توجهوا لتقديم برامج تليفزيونية مُماثلة، فالمعايير والمقومات هنا مختلفة تماماً، فالمُمثل أو المغني سيبقى أداؤه مقبولاً ومبرراً على الشاشة عند الجمهور مهما كان متواضعاً لأنَّه في الأصل يقدم موهبة أخرى مُحدَّدة، بعكس نجوم وسائل التواصل الاجتماعي الذين يعني توقفهم وتراجعهم عن مُمَّارسة ذات الأداء المُصطنع، والظهور الذي يقدمونه عبر حساباتهم، تراجعاً وسقوطاً غير مقبول عند مُتابعيهم وجمهورهم الذين يتوقعون منهم استمرار ذات النهج تليفزيونياً، خصوصاً مع تكرار حالات ارتكاب الأخطاء أو زلات اللسان -غير المقبولة- والتي لا تغتفر، وتعني خروج هذا النجم من اللعبة والفرصة التي لم يحسن استثمارها (صفر اليدين)، لذا هم يخسرون من الشاشة أكثر مما يكسبون. وعلى دروب الخير نلتقي.