فضل بن سعد البوعينين
تتصف سياسة المملكة النفطية بالثبات والوضوح، وترتكز على مقومات رئيسة، من أهمها عدالة التسعير، وأمن إمدادات الطاقة، والطلب، والالتزام باتفاقيات منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»؛ لذا تمضي سياستها النفطية في الطريق المرسوم سلفًا، وإن حدث تغيير في وزارة الطاقة فالعمل المؤسسي يضمن استدامة العمل والسياسات القائمة على استراتيجية محددة المعالم، ورؤية واضحة، وخطط واجبة النفاذ.
حرص القيادة السعودية على استدامة الإمدادات، واستقرار الأسواق، والمساهمة الفاعلة في حماية الاقتصاد العالمي من مخاطر نقص المعروض النفطي، وتأثيره على الأسعار؛ وبالتالي النمو العالمي، أكسبها ثقة العالم، وعزَّز من أهميتها الاقتصادية. وبالرغم من ذلك سعت المملكة لتأكيد عدم وجود تغيير في سياستها النفطية، ولا في سياستها تجاه أوبك، بعد تعيين الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وزيرًا للطاقة، وأكدت أيضًا على لسان مصدر مسؤول أن «الأمير عبد العزيز سيعمل على تعزيز التعاون بين أوبك والمنتجين من خارجها».
أحسب أن ملف طرح أرامكو من أهم الملفات المتداولة في الإعلام الغربي بعد التغييرات الأخيرة؛ لذا حرص الأمير عبدالعزيز بن سلمان في مؤتمر أبوظبي على التأكيد أن المملكة ماضية في إجراءات الطرح العام الأولي لشركة أرامكو «في أقرب وقت ممكن». ثبات المواقف، وإن ترسخت القناعات الدولية تجاهها، في حاجة دائمة لجهد إعلامي أكبر من أجل قطع دابر الشائعات، ووقف التأويلات، وإبراز المواقف الثابتة في مراحل التغيير المهمة، وهذا ما تنتهجه المملكة، ويهتم به سمو وزير الطاقة الذي وُلد من رحم الوزارة، وأسهم من خلال عمله فيها خلال أكثر من ثلاثة عقود بوضع سياساتها، وترأس الفريق المشكَّل من وزارة البترول والثروة المعدنية و»أرامكو السعودية» لإعداد الاستراتيجية البترولية للمملكة.
وأكثر من ذلك مساهمته في إنجاز أول استراتيجية أقرّتها منظمة «أوبك» عام 2005، وترؤسه اللجنة المكونة من وكلاء وزارات البترول والطاقة في الدول الأعضاء بهدف إعداد استراتيجية «أوبك»، وحضوره الدائم اجتماعات المنظمة.
هناك ملفات مهمة كان للأمير عبدالعزيز دور فاعل بها، منها ملف انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، وملف الإغراق الذي هدد قطاع البتروكيماويات السعودي، وملف قضايا الطاقة المتعلقة بمنظمة التجارة العالمية.. وهي ملفات ثقيلة، نجح في معالجتها، وتحقيق المصالح الوطنية فيها، إضافة إلى ملف كفاءة الطاقة الذي يعتبر المحرك الرئيس لقرارات إعادة التسعير، وإعادة توجيه الدعم على أسس علمية، ورفع كفاءة القطاع الصناعي وتنافسيته، ووقف الهدر في مصادر الطاقة المتاحة.
عودًا على بدء، فثبات السياسة النفطية السعودية ربما برز بشكل أكبر بتولي الأمير عبدالعزيز مسؤولية وزارة الطاقة باعتباره امتدادًا للكفاءات النوعية فيها، والمشارك في إعداد سياساتها واستراتيجياتها المستقبلية، والتزاماتها بمنظمة أوبك، والأكثر دراية بالعلاقات الدولية، والشراكات الاقتصادية والسياسية التي لا يمكن فصلها بأي حال من الأحوال عن شؤون الطاقة.