عبده الأسمري
الوصاية أمر إلهي عظيم وتخطيط رباني يفضي إلى الاتجاهات الإيجابية التي تكفل للإنسان العيش بطمأنينة وسكينة وفق حدود وخطوط مكفولة بالشرعة ومضمونة بالعدل..
وما إن تؤول هذه الوصاية إلى استغلال الذات وفرض النفس وسيطرة الأنا فإنها تتحول إلى أداة «قمع» ووسيلة همجية تنثر سواد «المفاسد» على بياض «المصالح» في حين أن خروج الوصاية من القالب النظامي لها يؤكّد وجود اختلال ذهني واعتلال عقلي في الشخصية وفي حدود الخروج عن هذا المسار أوجد الشرع مسارات متعددة لتكييف التعامل مع «الأوصياء المسجوعين بالظلم» في كفالة الحقوق وتوفير الحلول لمن استوصوا عليهم وفق منهجية لا تقبل التحريف أو التغيير أو التأويل..
وسط هذا المنهج المبهج من الشريعة نادت «أبواق» وصدحت «حناجر» منذ زمن بإلغاء الوصاية وجاءت في هيئة حملات «مسمومة» من الغرب و»أنشطة» محمومة من الداخل يقودها أما «مريضات نفسياً» أو «جاهلات دينياً» أو «معتلات عقلياً» شاحذين الهمم لنشر سوءاتهم وبحثهم عن الشهرة المؤدلجة ولا أبالغ إن كان بعضهن يتقاضين «أموالاً» أو «هبات» من جهابذة الضلال..
الوصاية ركن من أركان الحرية التي كفلها ديننا الإسلامي شريطة أن تكون حرية مقننة تقوم على مبدأ «درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح» ولو بحثنا في تاريخ «المناديات» بإلغائها «المتأبطات» إحباطاً لوجدنا إنهن يعانين من أمراض نفسية مزمنة ومن عقد أزلية ضد مجتمع الذكور وإمعان عقيم في ممارسة أدوار الرجال دون هدف سوى «الشهرة» و»التضليل» ودس السم في العسل.
وصاية الأسرة عبر أحد أفرادها من أب وأم وزوج وأخ لا تعني التقييد وإنما توظف وضع القيود التي يكون عليها الموصى عليه في «قيد الأمان».
وللأسف أن سوء الفهم جذب العديد من المنادين بإلغاء الوصاية إلى جرف هاو بسبب أهوائهم ولهاثهم المستديم وراء التواجد في أي مكان على قائمة الأصوات «النشاز» و»الأصداء» الساذجة..
الوصاية «المقننة» أو «الشرعية» التي تعتمد على الدين وتوظيف المنطق وتوفير الحقوق خلقت لنا «أجيالاً» باهرة من المتميزات اللاتي قدمن بالشهادات العليا في الخارج حافظن على دينهن ووطنيتهن وهوية أسرهن وكانت «الوصاية» في هذا الجانب العامل المساعد الأول الذي وظّف الامتياز والاعتزاز في العلم والشخصية حتى إن بعض الأوصياء الذين كانوا كمحارم مع قريباتهن نالوا نصيباً مفروضاً من العلم في الخارج وكل ذلك من إيجابيات متقنة فرضتها سلوكيات مقننة.
للأسف الشديد أن شرائح من مجتمعنا تتشرّب القرارات وتنظر إلى الجزء الفارغ من الكأس وتترك الممتلئ فيكثر ضجيج العقول الفارغة مع كل جديد ومع كل انفتاح ومع كل تغيير ليس اعتراضاً أو ممانعة ولكنه أدهى وأمر من ذلك عندما يوظّف البعض التطور وفق طريقته وعلى مزاجه ومع تخلّفه.
الانفتاح مطلب والتغيير واجب والتطوير مفترض على أن لا يتعارض مع الثوابت التي تبرز «هوية» الإنسان» وتوضح «غايته» وتحدد «وسيلته» مع أهمية أن يطهر «المجتمع» من زبانية «التخلّف» ومن «هواة الشهرة» ومن «عملاء الفتن» حتى لا نرى تطرفاً متحرراً مخزياً يلغي الهوية ويزيل الموضوعية بحثاً عن «فوضى خلاَّقة» تصنعها «العقد النفسية» وتنشرها «العقائد الذاتية».
تمتلئ المواقع والمنصات بالتوصية ولكن الأجدى منها «توصية» الأقرب ووصية الأعرف في مسألة «الوصاية» وغيرها فالنصح المقنن المعتدل الخالي من تسلط «التوجيه» والمرتقي عن فرض «السيطرة» سيخلق الأجواء الكفيلة في صناعة «التكيّف الاجتماعي» العادل والمتزن والضروري والمنطقي مع كل تغيير أو تطوير في الحياة أو المعيشة أو المستقبل أو التعاطي مع التغيّرات أو المتغيّرات شريطة أن نكشف «السفهاء والسفيهات» ممن ينادون من مكان بعيد ويطلون من وراء «ستار» المكر ومن خلف كواليس الخداع ووأد مخططاتهم حتى يتم تنقية المجتمع من سوءات «عقدهم» ومن مساوئ «اعتقاداتهم «ومن سيئات «احتيالهم».