سهوب بغدادي
تلك النبضة الأولى في حياة الإنسان، النبضة التي تبعتها آمال وأحلام وتطلعات مشرقة. عندما تعصف الأذهان لإيجاد أجمل الأسماء وأعذبها، ويهرع الجميع إلى توفير كل ما يمكن تصوّره لبدء تلك الحياة الجديدة للكائن الغالي. فيأتي اليوم المشهود ليبصر كل من الأب والأم ضيفهم الذي طال انتظاره ليرسموا أعلى المعايير وأجمل الأحلام لمستقبل فلذة أكبادهم. بالتأكيد أن مهمة الوالدين مضنية ولكنها الأسمى، فهل تتخيل أنك ستربي أينشتاين القادم؟ وربما أفضل.
على الرغم من حب الوالدين غير المشروط لأبنائهما إلا أن هذا الحب قد يتحول بشكل أو بآخر إلى حب مشروط -دون قصد- فيرتبط حبهم في طفولة ورشد الأبناء بتحصيلهم الدراسي واختيارهم للتخصص واختيارهم لشريك الحياة وتسمية أطفالهم وقراراتهم اليومية والخاصة. أنا لست ضد الاستشارة وطلب رأي الوالدين فيما يخص الأمور المفصلية وغير المعتادة، إنما ألقي الضوء على امتداد دور الوالدين بالتربية والتوجيه والعقاب من الطفولة إلى سن الرشد.
فمن وجهة نظري أن الطفل يربى والمراهق يوجه والراشد ينصح في أضيق الحدود وما تعدى هذا السياق قد ينعكس سلباً على حياة الأبناء وبالتالي لن يحقق الوالدان هدفهما الأسمى ألا وهو (سعادة الأبناء). إن كان ابني سعيداً وراضياً عن حياته بما فيها من تفاصيل لا تتوافق مع توجهاتي وتفكيري وتربيتي له فلا بأس. نعم، قد يحيد الأبناء عن تربية الآباء أحياناً ولكنهم سيعودون إلى بذرتهم الطيّبة التي غرستها بيدك ورويتها أياماً وسنين. فلا ضير في أن يتخذ الابن مسلكاً مختلفاً لحياته مع الحفاظ على الجوهر الأساس ومعاني الإنسانية والأخلاق الحميدة. لن أنسى ابنتي قمر البالغة 8 سنوات عندما أتتني قائلة» سأصبح مايكل جاكسون القادم يا ماما!» تمالكت نفسي بصعوبة، فليس ذلك المستقبل الذي أحلم به من أجلها. من ثم راجعت نفسي فوجدت أنني أنزع إلى تحقيق أحلامي المرهونة من خلالها. لقد عشت زماناً مختلفاً عن زمانها فلماذا أجعلها تعيش في الماضي؟ وما كان مستحيلاً بالنسبة لي قبل سنين - كأن أكتب لكم الآن من خلال الصحيفة- تحقق بغمضة عين.
بنيتي كوني كيف ما كنت وافعلي ما تريدين بعيداً عن أحلامي المستحيلة شريطة أن تكوني سعيدة.