«الجزيرة» - ناصر السهلي:
عكست مكاشفة وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ لقادة العمل التعليمي، قبيل انطلاق العام الدراسي الجديد، أهمية استيعاب المرحلة المقبلة التي يجب أن تركز على «نواتج التعلم» والاختبارات الدولية لطلاب وطالبات التعليم العام.
مكاشفة الوزير آل الشيخ بشرّت المجتمع والميدان التعليمي برؤى إصلاحية وتطويرية، وتحولات تشهدها خريطة التعليم وتطول جوهر العملية التعليمية في مرحلتي رياض الأطفال والصفوف الأولية من المرحلة الابتدائية، باعتبارهما ركيزتين أساسيتين للمهارات التي يكتسبها الصغار خلال فترة نموهم.
شهد مطلع العام الدراسي الجديد في جميع مناطق ومحافظات المملكة أبرز تلك المشروعات التطويرية التوسع في مرحلة رياض الأطفال بنسبة 21 في المائة هذا العام بعد أن كانت لا تتجاوز 17 في المائة، وتحقيق نواتج تعلم أفضل لباقي مراحل التعليم، وفق مستهدفات رؤية المملكة، وتمهين التعليم بإقرار لائحة الوظائف التعليمية الجديدة للمعلمين التي تعد نقلة تاريخية تختصر المسافات نحو تحقيق مكتسبات جديدة لمستقبل تعليمي أفضل.
ويسعى وزير التعليم الذي أمضى نحو (9) أشهر منذ توليه حقيبة التعليم الوزارية إلى إجراء حزمة من الإصلاحات والبرامج التطويرية على منظومة التعليم، وتوجيه البوصلة بشكل مباشر لمعالجة الفاقد التعليمي كضرورة ملحة لخفض مؤشرات تدنّي جودة التعليم وكفاءته.
وسيطر على اهتمامات وزير التعليم منذ توليه المنصب الوزاري تقييم واقع قطاع التعليم العام، عبر ورشة عمل خلصت إلى التركيز على (نواتج التعلم) داخل منظومة المؤسسة التعليمية وتحديدًا داخل الفصول الدراسية، خاصة فيما يتعلق بالمهارات الأساسية المكتسبة كـ(القراءة - الكتابة - الفهم القرائي) باعتبارها مكتسبات سريعة للتعليم، تسهم في رفع مستوى الأداء على المدى المتوسط والطويل، وهو ما دفع (47) إدارة تعليمية في مناطق ومحافظات المملكة للعمل على لتهيئة طلاب الصفين الرابع الابتدائي والثاني متوسط لإجراء اختبارات TIMSS وPIRLS العام المنصرم.
يعد اختبار (TIMSS) كأحد الاختبارات الدولية التي يطبقها مركز «قياس»، بالتعاون مع المنظمات الدولية، في أكثر من 60 دولة، لقياس اتجاهات تحصيل الطلبة في مادتي الرياضيات والعلوم، ودراسة أوجه الاختلاف بين النظم التربوية في تلك الدول، لتحسين عملية التعليم والتعلّم.
ويعقد كل 4 سنوات، وفي هذا العام 2019م، تم عقده في المملكة للحصول على بيانات شاملة عن المفاهيم والمواقف التي تعلمها الطلبة في المادتين، في الصفين الرابع الابتدائي والثاني المتوسط، ومقارنة المؤثرات النسبية للتعليم والتعلم في الصفين، باختبار نفس الطلبة في الصف الرابع ثم اختبارهم بعد 4 سنوات وهم في الصف الثاني المتوسط.
كما يهدف هذا النوع من الاختبارات للوصول لأهم وأفضل الوسائل المؤدية إلى تعليم أفضل عبر مقارنة نتائج الاختبارات لدولة مع دول أخرى متقدمة في السياسات والنظم التعليمية، ما يؤدي إلى معدلات تحصيل عالية للطلبة. وتشرف على الاختبارات الهيئة الدولية لتقييم التحصيل التربوي، فيما تقيم قدرة طلاب الصف الرابع الابتدائي في مهارات القراءة بلغتهم ألأم عبر اختبارات PIRLS التي تشرف عليها الجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي (IEA) ومقرها هولندا، لتقارن بين الدول المشاركة في تقييم قدرة طلاب الصف الرابع في مهارات القراءة بلغتهم الأم، وهذا الصف مهم في نمو الطفل كقارئ، فهو قد تعلم كيف يقرأ، لكن قد يكون لقصور فهمه للنصوص التحريرية تأثير سلبي على أدائه في معظم المواد الدراسية الأخرى.
ويتكون اختبار «بيرلز» من نصين يشملان قصة أو حكاية واقعية ونصًا معلوماتيًا لمستوى هذه المرحلة، ويقرأ الطلاب النصين، ويجيبون عن أسئلة الاختبار من متعددّ وأسئلة الإجابة المفتوحة، بهدف قياس عمق فهم الطالب، ويُمنح الطلاب 80 دقيقة مدة الاختبار للقراءة والإجابة عن أسئلة النصين.
اهتمامات الوزير آل الشيخ لم تتوقف عند الاختبارات الدولية، ودعا إلى إعطاء الإشراف التربوي مزيدًا من المرونة لأداء مهامه الفنية، وعدم شغل المشرف التربوي بأعمال إدارية قد تحد من أداء مهامه الأساسية التي تسهم في تحسين وتطوير العمليات التعليمية داخل المدرسة، لافتًا بأن من حق الطالب والطالبة أن يحصل على أفضل رحلة تعليمية، وأن علينا أن نعكس الأداء التعليمي داخل الصف ونربطها بنواتج التعلم.
وتضمنت التوجهات الجديدة لوزارة التعليم ضرورة أحداث تحولات في منظومة التعليم الابتدائي وذلك بالتوجه إلى إلغاء « نظام التقويم المستمر» المعمول به حاليًا في الصفوف الابتدائية العليا، الذي أعطي - بحسب دراسات تربوية - نتائج متواضعة في مصفوفة المهارات التي يحققها طلاب وطالبات الصفوف العليا بالمرحلة الابتدائية، ما جعل المملكة لا تتبوأ مكانتها المستحقة بين دول العالم في تصنيف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) وبالذات في الاختبارات الدولية رغم حجم الإنفاق الذي تبذله الدولة على التعليم. ويعرًف الباحثون والتربويون (نواتج التعلم) على أنها عملية إصدار حكم على مستوى اكتساب الطالب للمهارات المقصودة، وتشخيص جوانب القوة في أدائه وتدعيمها، وجوانب الضعف وعلاجها، داعين لمنح شهادات اعتمادات للمدارس التي تحدد آليات واضحة تضمن بها اكتساب خريجيها مواصفات نواتج التعلم وعلى مقدار ما يمتلكه الخريج من هذه المواصفات.