د. خيرية السقاف
حواس الإنسان مراكز استقبال،
تفهم هذه الحواس فيه إشارات الطائف، ودلالات العابر،
ومفاهيم الناطق، وتآويل الكائن!..
حين تتماس مع الأصوات بإيقاعاتها المختلفة، ونبراتها المتشابهة، والمتناقضة!،
ومع الحركة حفيفها، وجعجعتها، رخوها، وشدتها، بطئها، وسرعتها!،
ومع المنظر جميله، وقبيحه، دكنته، وظلمته، بعيده، وقريبه، سرابه وحقيقته!،
ومع الرائحة، شذيُّها، وكريهها، غريبها، وأليفها،!...
وحين تتفاعل فتكون مرفأ استقبال، أو تصد فتغدو حاجز انفصال..
حواس الإنسان إعجاز الخالق في هذا الإنسان، حين تتفاعل تحرض الشجن، والفرح، الغضب، والطمأنينة،
تتماهى مع الكائنات الأخرى فتمتد بها الأفعال، حين تستقبل برضا تعطي برضا،
فالكلمة الطيبة حين تُسمع، أو ترى مقروءة، أو تُشاهد مفعولةً تستقر في الإحساس مفهوماً للسلام، للتسامح، للمحبة، للصداقة، للقرب، للزمالة، للشراكة، للقبول، للتكافل، للمساواة، للحرية هي كل الدلالات المتفق عليها،
يصدقها إحساس الإنسان، ومن ثم ينتج عنها نسيج العلاقات الرضية..
يقاس على ذلك من زرع ورداً تعبق حديقته، يحمله الهواء لحواس القريب، والجار فيرضى،
ومن سعى برغبة في العون، وإقالة العثرات تقع خطواته في الإحساس عزفاً رخيماً يُسرُّ، ويُسعِد،
ومن تحلق حول مصابٍ يكسر حاجزاً لفرقة، أو يوصل حبل ود مقطوع يبدد ظلمة،
ويشيع ألفة..
فالحواس في الإنسان تستقبل كل فعل،
تتفاعل إيجاباً، وسلباً، تتماهى مع الدلالات..
تحرض للسعى، تؤكد في الإنسان الحياة!!..