نوف بنت عبدالله الحسين
(حينما أخذ ركب النهضة التعليمية يوغل في مجالات القوة والنشاط والحياة نتيجة لتفتح الوعي الثقافي والتعليمي بين مختلف طبقات الشعب وازداد تبعاً لذلك إقبال أبناء الأمة على معاهد التعليم ومؤسسات الثقافة، كان لا بد من تحويل مديرية المعارف إلى وزارة تشرف على مختلف شؤون التربية والتعليم وتعمل على تنسيق خططه ومناهجه الدراسية في ضوء تقدّم النظريات التربوية الحديثة والواقع العلمي).
الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- حين كان وزيراً للمعارف
تخيّل.. أن المعلم يختار منهجيته ومادته العلمية وفقاً لقدرات طلاَّبه واحتياجاتهم، أن يصيغ مادته العلمية بكل أريحية، أن يدعمه المشرف في اختياره ويثق بقراره.
تخيّل.. أن المدير يختار المعلّم الكفؤ وأن يعطيه الضوء الأخضر بأن يمارس شغفه كما يجب.
تخيّل.. أن الفصل الواحد لا يتجاوز 20 طالبًا، وأن الفصول بها إضاءة جيّدة وتهوية ممتازة.
تخيّل.. أن لا واجبات مدرسية وأن المشاريع العلمية كفيلة بأن تجعل الطالب يتعلّم من الحياة لينطلق للحياة.
تخيّل... أن الكتب المدرسية تبقى في المدرسة داخل دواليب خاصة لكل طالب، وأن الطالب يحافظ على كتابه ويعيده في آخر العام ليستفيد منه الطالب الجديد.
تخيّل... أن مدير المدرسة هو من يختار الكتب العلمية من دور النشر المتخصصة ويبحث عن التنافسيّة العلمية التي تخلق من مدرسته مدرسة رائدة في العلم و المعرفة.
تخيّل.. أن مدير المدرسة يمتلك كافّة الصلاحيّات من تعيين المعلّم واستقطاب الكفاءات وصيانة المدرسة.
تخيّل... أن الطالب يأتي إلى المدرسة مشتاقاً لمكانه ولحصصه ولمعلميه، ولزملائه.
تخيّل أن المدرسة بها مطعم مدرسي...يهتم بتوفير الغذاء الصحي الجاذب، يمتلك أماكن تليق بالإنسان المتعلّم بأن يجعل بشكل جيّد ويأكل وجبته بشكل يليق.
تخيّل.. أن المدارس تحتوي على ملاعب خاصة بكل مرحلة، وألعاب حركية للمرحلة الابتدائية، وأندية تعليمية وثقافية ورياضية.
تخيّل... أن مدارس البنات قد تأهلت تماماً لمادة الرياضة البدنية، وأن تكون هناك منهجية مطبقة وواقعية، أن تكون هناك هيئة تدريس خاصة بالرياضة، أن تكون هناك تخصصات جامعية تخدم هذه المادة.
تخيّل... أن وزارة التعليم لدينا تأخذ الملاحظات برحابة صدر دون أن تغضب من المجتمع حين يعطي ملاحظة جوهرية، وأن تجعل من يصنع الحل هم أهم الميدان من معلّمين ومدراء.
تخيّل... أن التقييم ليس رقماً، بل وصف، وأن هذا الوصف يساهم في التنمية المهنية لدى منسوبي التعليم.
تخيّل... أن وزارة التعليم ركّزت جهودها في مبان تعليمية جاهزة للتطلعات وملائمة لخصائص الطلاّب ومراحلهم العمرية.
تخيّل... أن وزارة التعليم أنشأت المعامل ذات مستوى عالي الجودة للحاسب ومعامل اللغة ومعامل العلوم ووفّرت كل الإمكانيّات اللازمة في أن تكون على أكمل وجه وكما يجب.
تخيّل... أن وزارة التعليم عالجت مشكلة المعلمين في المناطق البعيدة، وأنشأت إسكاناً خاصاً بالمعلمين والمعلمات، وتأميناً طبياً ومواصلات وساهمت في تصحيح الأوضاع لهم في منطقتهم.
تخيّل... أن وزارة التعليم أقامت مؤتمراً عالميّاً... وركزّت على الجوانب التي تذهب بنا إلى أفق أعلى ومستوى عال.
تخيّل... أن يتوقّف الهجوم من جميع الأطراف، من ولي الأمر والمعلم والوزارة والطالب والمجتمع، أن يسود الرضا الحقيقي.
تخيّل... أن هذا التوتّر الذي نعيشه جميعاً يتحوّل إلى متعة حقيقية صادقة نلمسها بعيداً عن التصريحات والفلاشات، أن تأتينا من أبنائنا وبناتنا الطلاَّب، وأخواتنا وإخواننا المعلمات والمعلمين والمديرات والمديرين، أن يشعر الجميع بالإنصاف، وأن تكون الإنجازات الحقيقية ملموسة بحق في ميادين الحياة من مخرجات التعليم التي توجّهت لسوق العمل والتي تسعى لتحقيق الرؤية المباركة.
إنني أؤمن بأن الخيال هو ما يصنع واقعاً إبداعيّاً، وأن ما تخيّلته لن يكن صعباً تحقيقه، وسأتفاءل بأن يتحقق في يوم ما، وأن يشهد ذلك أحفادي، قبل أحفادهم!