د. خيرية السقاف
قيل: «من سابق الدهر عثر». والمتفكر في هذا القول لن يجده صائبًا على كل وجه؛ إذ ربما الطفل الذي لم يتقن المشي حين يحاوله بسرعة اندفاعه سيتعثر، ويسقط، وربما يُصاب بكسر، أو كدمة، أو جروح.. لكن الكبير لن يفعل وإن قيل إن الطفل ذلك يسبق «دهره»، أما الكبير فـ»بدهره» يفعل، وكلاهما صغير لا يدرك، وكبير يدرك. ومحور الدهر عمر، والعمر تجربة عقل وحس، كلما تقدم الإنسان فيهما أدرك، ووعى..
لكن هناك من الأطفال من وُلد ذكيًّا فطِنًا، وعيُه يسبق «دهره»، ومواهبه تحدِّث بقدراته، وقدراته تفوق تجاربه، وفي هذا حبِّرت الأوراق، وزخرت الأمثال، وأضاءت النماذج، وصممت النظريات، ووضعت الخطط لتنمية العقول، والأخذ بالصغير لأقصى ما يبلغه من العطاء، والإنجاز بما فيه من القدرة لتجاوز عدد سنوات دهره، بينا هناك من لا يلقي بالاً لهذا؛ فيكرر على صغيره مقولة «لا تزال صغيرًا لا تدرك»، هذه العثرة الفعلية التي تتحطم بها كل قِوامات السبق، والسير، والركض، والصعود، والنجاح، ويتخطى بها المرء «دهره»..
إن «الدهر» في سنوات عمر المرء ليس هذه الصخرة، ولا هو السبب في التعثر حين يكون منطلقًا.
للكشف عن مكنون الإنسان مذ صرخة الميلاد، وأول نظرة له تلف في مجال الفضاءات التي يرى، ومن ثم الذي ينسل لداخله فيشكل مسارات انطلاقه..
حين يفسح لهذا المخزون الفطري في الإنسان مذ لثغة الحرف بلسانه فإن لا عثرة لزمن في خطاه نحو الانطلاق لمعطيات تنفع به، وبها يكون فاعلاً في العمار..
هذا يؤكد أن ليس كل مقولة مأثورة صائبة على كل الوجوه، والأحوال..