مها محمد الشريف
إن أدوات العمل تتغير وفقًا للسياسة الاقتصادية، بيد أن التعرف على المشكلات والعقبات التي تواجه التقنيات والشركات العالمية تبدأ من المنافسة الشديدة والضرائب المفروضة التي تتيح للفرد فرصًا كبيرة للإسهام الفعلي في التفكير، ومعرفة حجم الإنفاق في هذه التقنيات من أجل دفع عجلة الإنتاج، وزيادة معدلات التنمية الإلكترونية والصناعية باعتبارها عنصرًا فاعلاً في الاقتصاد. فقوقل تكسب ما يقارب 22 مليار دولار أمريكي من الأندرويد، ودفعت مليار دولار أمريكي لأبل لاستخدام محرك البحث على IOS.
بعد صراع قضائي طويل اتفقت أبل وقوقل على إيقاف الحرب الباردة التي دارت بين الشركتين بسبب براءات الاختراع للهواتف الذكية، واتفقتا على تسوية الخلافات وإسقاط جميع القضايا التي يتهم فيها كل منهما الآخر، وتوصلتا إلى قناعة أن التصالح أفضل من الدعاوى القضائية، وستكون بادرة أيضًا للتصالح مع سامسونغ حسبما نقلته وسائل الإعلام العالمية في عام 2016.
ولكن في هذا العام اختلفت الصور والمكاسب والأرباح والخسائر بعد الحرب التجارية والرسوم التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصين؛ إذ أفاد تقرير إعلامي أمريكي بأن إجمالي خسائر شركات التكنولوجيا الأمريكية بسبب تصعيد النزاع التجاري مع الصين بلغ 10 مليارات دولار منذ شهر يوليو الماضي حتى الآن، مشيرًا إلى أن هذا الرقم مرشح للازدياد خلال شهر سبتمبر الحالي؛ إذ يبدأ سريان تطبيق الدفعة الجديدة من التعريفات المفروضة على واردات صينية بقيمة 300 مليار دولار.
من هنا انخفضت قيمة الدبلوماسية والعلاقات الدولية، واتهمت الصين الولايات المتحدة بالغطرسة والأنانية بعد تكثيف الضغوط التجارية على بكين، وسعي ترامب لزيادة الضغط على منظمة التجارة العالمية للتوقف عن السماح لبعض الدول بمعاملات أكثر تساهلاً باعتبارها اقتصادات نامية؛ وهو ما يجعل بكين تفسّر ذلك بمعنى الجشع الأعمى الذي اتجه نحو الاستغلال غير المقيد في سباق بالغ التكلفة.
إن شركة «أبل» الأمريكية أمضت عقودًا طويلة في بناء واحدة من كبرى سلاسل التوريد العالمية، ولكن أليس هذا ضد مصلحة الشركة نفسها؟ ألا يضطر رأس المال في سعيه هذا إلى استعادة تكاليف الخسائر وتعويضها؟ فهي تقوم بتصميم وبيع أغلب منتجاتها داخل الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته تستقدم بعضًا من هذه المنتجات من الصين حيث يتم تجميعها؛ وهو ما يجعلها في صدارة أكبر الخاضعين لتعريفات ترامب.
فالأداة الأساسية والمهمة لقوة الاقتصاد والتنمية هي وجود منافسين بالسوق لتكثيف الطاقة الإنتاجية التي تعتمد على الصناعة والتجارة، وتنظيمهما يدعو إلى ظهور وسائل المنافسة من حرية الاقتصاد والأسواق الحرة؛ وبذلك تكون قوة الدول من قوة اقتصادها. وفي هذه المرحلة نتساءل: من يعوض خسائر شركة أبل والشركات الأخرى الأمريكية المتضررة من الحرب التجارية التي فرضها ترامب؟