د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
في الأسبوع الماضي طبقتْ وزارة التعليم سياسة تعليمية جديدة ضمن تشكيلات مدارسها فتم استحداث 1460 مدرسة للطفولة المبكرة في المناطق التعليمية، تضم الصفوف الأولية من البنين والبنات [الأول والثاني والثالث] بعدد 3313 فصلاً، وتضم في معظمها فصولاً لمرحلة رياض الأطفال بعدد 3384 فصلاً، فكانت تلك الإضافة النوعية في التعليم غرسًا مجزيًا في عمق الآمال القادمة والوصول إلى بوابات التأسيس النفسي الأقرب؛ فالطفولة المبكرة فضاء يتطلب المعرفة، والمعرفة تتطلب الوسيط الأمين؛ ولذلك كان المستراد أماميًّا واسعًا؛ فرأيتُ حتمية الحديث عن البساط الذي تسير عليه الطفولة في بلادنا، وعن مرتكزات نهوضها؛ حتى ندرك شغف الذين صفقوا لتلك الخطوة المكتنزة بتخصيص تعليم نوعي لمرحلة الطفولة المبكرة من خلال جهود محددة بأمكنة، وفضاء أسري داخل تلك المدارس لوجود المعلمات بجانب أولئك الأطفال لتتمة الغرس في مرحلة رياض الأطفال حيث يحمل الأطفال في ضلوعهم الغضة تلك الكيمياء العجيبة التي تنتج جاذبية محفزة على الالتفاف والاحتواء والاستجابة الفوارة. ومن خلال اطلاعي وجدتُ اتفاقًا عند من اهتموا بالطفولة السعودية بأن تلك السياسة التعليمية الجديدة صنعتها عيون مبصرة؛ ولا بد أن تلتقي معها منصات الدعم الحكومي ومؤسسات المجتمع المدني؛ فتكون مصادر الثقافة المرئية والمقروءة والمسموعة شريكًا أصيلاً في مدارس الطفولة المبكرة من خلال وجود حقيقي دائم، وليس محدودًا بمواسم، والعناية بالفن كقاعدة أساسية لبناء المشروع التعليمي، يهذب النفوس، ويحفز القيم الشافية؛ فحقول الغد ليست ممهدة كما يجب؛ لأن تربة اليوم ملوثة بالعنف والخوف! والطفولة المبكرة حدائق الغرس الأولى؛ فتحتاج إلى غرس وجداني نامٍ. كما أنه من الصواب الاستراتيجي وضع مدارس الطفولة المبكرة تحت مجهر تقويمي دائم، والتركيز على تحليل مخرجاتها، ومقارنتها بمخرجات المدارس القائمة أحادية النوع. وأجزم بأن الطفولة المبكرة في بلادنا تنتظر نوافذ ضوء أخرى -بإذن الله-. وحتى تكون النواتج ممنهجة ومتصلة نرى أهمية صناعة استراتيجية وطنية لتعليم فئة الطفولة المبكرة، تعتمدها الدولة -رعاها الله- لتكون السياسات التعليمية المضافة من المؤسِسات والمنطلقات الثابتة. كما يجب أن تتضمن استراتيجية تعليم الطفولة المبكرة ما يخص إعداد من يقود المراكب في مدارس الطفولة المبكرة وفق مقومات ومعايير علمية عالية؛ فعندما نرح سقفًا عاليًا من الاهتمام بواقع الطفولة المبكرة فإن ذلك يشعل كواشف النور حولها..
وتبقى المستجدات رديفًا لا بديلاً، وشريكة في النجاحات وليست صانعة لها! والإبداع يكمن في حسن إدارتها، واستثمار معطياتها؛ والمنجز الجديد ليس مسؤولاً عن تجاوزات التطبيق.
وفي كل المعطيات الجديدة تختلط الأصوات الجميلة والنشاز، وأغزر الأفكار وأضحلها. وأرى أن تعدد الأصوات مؤشر لتألق المنجز واستشرافٌ لنجاحاته القادمة!
من بوح الطفولة يقول [بدوي الجبل]:
وصن ضحكة الأطفال يا ربُّ إنها
إذا غردتْ في ظامئ الرمل أعشبا
ويا ربُّ من أجل الطفولة وحدها
أفض بركات السِلم شرقًا ومغربا
ويا ربُّ جنّب كل طفل فلا يرى
وإن لجّ في الإعنات وجهًا مقطبا
وهيئ له في كل قلب صبابة
وفي كل لقيا مرحبًا ثم مرحبا!