إبراهيم بن جلال فضلون
لم تكن مرحلة التغيير التي دشنتها المملكة العربية السعودية منذ سنوات برؤيتها الحالمة، مقتصرة على البعد الاقتصادي أو الديني الصرف، وإنما كانت مشروعًا مُتكاملاً يأخذ على عاتقه مهمة إصلاح المجتمع وتدريبه على تقبل المتغيرات العالمية التي لم تستسغه البُلدان المتطرفة كإيران وتركيا وقطر وأعوانهم من تنظيم الإخوان المسلمين المُصنف إرهابيًّا، تحديث ذا أثر كبير على أجيال المستقبل، وهو ما لا يتأتى إلا عبر واجهة الأمم ومُستقبلها «التعليم».. أيقونة تسعى لتشويهها القنوات الخبيثة، خاصةً بعد الإصلاحات والتعديلات التي أبرزت الوقائع والخطط والمعارك والمواجهات التي أقامها حُكام الدولة السعودية الأولى والثانية، وكذلك همّة مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز في مواجهة المُعتدين، ونشأت أجيالنا المُتعاقبة على سماعها لعهد عُثمانلي دام أربعة قرون بظُلميه، لتنحصر في ركود وجهل وتخلف الدائرة العثمانية مكانياً، وظلم زمانيي للعرب أطفأوا أضواءها بلمسة يد، وضربات فكر مُتطرف، حتى وصفهم تاريخ ق 18 بالتُرك الغاشمين، لما عانت البلاد والعباد من حظها العُثماني، ضريبة لإرث عُثماني مُتطرف وتبعية واحتلال واستبداد، طال المملكة في ستينات القرن الماضي، هربًا من ملاحقات النظام المصري آنذاك، إذ كشفت فضيحة «سفر برلك» عام 1916 ما لحق بالإنسانية، وأهل المدينة النبوية التي نهب أموالهم فخري باشا وخطفهم، بل وسرق الأتراك مخطوطات المكتبة المحمودية وأرسلوها إلى تركيا، سبقه «مصطفى بك» الغازي وحروبه على الدولة السعودية الأولى التي لقنت العثمانيين درساً مُؤلماً لهم حتى الآن في معركة تُربة، بعدما قاموا بتعذيب أئمة سعوديين وهجَرُوا سكان المدينة ومنطقة الأحساء.
لا أحد يختلف على انتهاكات وجرائم العثمانيين في الجزيرة العربية.. ولعل مناهجنا الجديدة صورة تصحيحية لما كان غائباً عن أجيال، آن الأوان أن ترى زيف الرجل الأوروبي المريض بكل تفاصيله، ومن حقنا أن نعرف ونُعلمَ أجيالنا تاريخاً مُشرفاً لا زائفاً مُتسلطاً باسم الدين.
وقد قالها ولي العهد سابقاً، واليوم يُنفذ وعده: «لا توجد دولة تقبل أن يكون نظامها التعليمي مُخترقاً من جماعة راديكالية كالإخوان المسلمين». ليحتفي نُشطاء وكتاب بل والوطن بالمناهج المُعدلة التي «فضحت بشاعة مجازر الدولة العثمانية بحق العرب»، ووافقهم الأمير سطام بن خالد آل سعود، قائلا: «المناهج الجديدة تضع الأمور في نصابها الصحيح بالحديث عن تاريخنا وكشف الوجه الحقيقي للدولة العثمانية المغولية».
أجل، إنها حالة عصابية يعيشها المُغرضون عبر أدواتهم الرئيسة (الإخوان المسلمين). متوافقين وعصبية الوجوه الإيرانية- التركية -القطرية، باعتبار العالم العربي منطقة تمدد مصلحي، جعلتهم حُماة أكثر الأشكال تطرفاً في العالم، خاصةً في شكلها القومي الطوراني، المُجاهر مُباشرة بعدائه للعرب، محاولاً فرض هويّاتهم الواهية على بلادنا لُغة وثقافة، بسياسة إخوانجية من تتريك وتشييع، فهل في ذلك أي دفاع عن الإسلام وحرماته؟. ومَنْ الجاهل والخائن والمجرم بحق الحضارة البشرية عموماً؟. فعودًا حميدًا لمنسوبي التعليم، ومرحبًا بالمعلمين والمعلمات.