سلمان بن محمد العُمري
من المبادرات الإيجابية لعدد من الجمعيات الخيرية الدورات التي تنفذها بين الحين والآخر، ومنها البرامج والدورات الخاصة لتأهيل المقبلين على الزواج، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح بعد أن تفاقمت مشكلات الطلاق في المجتمع حتى أصبحت تمثل "ظاهرة" ويكون أحد الحلول للحد منها هو تنفيذ مثل هذه البرامج التي حظيت بدعم الدولة -أيدها الله- حينما أصدر مجلس الوزراء قراراً بإعداد وإقامة برامج ودورات توعوية للشباب المقبلين على الزواج في مناطق المملكة.
وكنت من أوائل من طالب بعقد دورات تأهيلية للمقبلين على الزواج من خلال توصيات الدراسة العلمية الميدانية التي قمت بها "ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي"، ثم عملت دراسة بحثية بعنوان: "قبل إعلان حالة النكد.. رؤى وأفكار للمقبلين على الزواج من شباب وفتيات"، وأحمد المولى عز وجل أن أخذ بالتوصيات من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية ذلك الوقت، وتم تخصيص ميزانية سنوية من الدولة لهذه البرامج، ونفذت الجمعيات الخيرية تلك الدورات التي تفاوت العمل في برامجها المقدمة من حيث المنهج والمحاضرين، ومن حيث الشروط والمدد، وكذا مجانية الدورة أو دفع رسوم لها.
لقد لفت نظري مبادرة تشجيعية من جمعية التنمية الأسرية بمحافظة حوطة بني تميم بتقديم إعانة مالية لمن يحضر البرنامج كاملاً، ولاشك أن هذا تحفيز ودعم طيب أي كانت القيمة المقدمة؛ فتشكر الجمعية على مبادرتها في التنظيم والدعم المادي؛ لأن ذلك نموذج يحتذى به، ولم يسبق لي أن اطلعت على قيام جهة بدفع مبالغ مالية عند الحضور والمشاركة وهو المستفيد الأول.
وكنت قد دعيت في الدراسة البحثية الرامية للحد من المشكلات الزوجية الجمعيات الخيرية ألا يقتصر دورها على تقديم المساعدات المادية للأسر، بل الإسهام في حل القضايا الزوجية والأسرية المهمة من خلال تنظيم دورات تأهيلية وتثقيفية للعرسان الجدد عن فنون الحياة الزوجية، وكيفية التعامل مع الزوجة لبناء بيت سعيد، وطرق التعامل مع المشكلات، ووضع الحلول لكافة العوائق التي تقع في محيط الحياة الزوجية، وإنشاء قسم للتوجيه والاستشارات الأسرية في وزارة الشؤون الاجتماعية، للعمل على فض النزاعات التي قد تنشأ بين الزوجين وأفراد الأسرة.
وشددت الدراسة على أن تقوم أجهزة الإعلام والمؤسسات الدينية بدور أساس في توضيح الأضرار الناجمة عن الطلاق على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع، وإمكانية إسهام القطاعات الحكومية المعنية في بثِّ برامج توعوية عن الأسرة وأهمية تماسكها وترابطها.
وأكدت الدراسة على أهمية دور الدعاة وخطباء المساجد في الحد من ظاهرة الطلاق بالعمل على الجانبين الوقائي والعلاجي.
كما طالبت الدراسة الأب أن يجلس مع أبنائه، ومناقشتهم في احتياجاتهم والتعرف على تفكيرهم، والانفراد بابنه المقبل على الزواج مثلاً ويستمع إليه ويناقشه.
وأبرزت الدراسة المسؤولية العظيمة لوسائل الإعلام في الحياة الزوجية قبل الارتباط وبعده بين الزوجين، لأنّ الحصّة الزّمنية التي يقضيها الأولاد أمام القنوات الفضائية، ووسائل التواصل الاجتماعي ليست هيّنة، يتلقى خلالها سيلاً من المعلومات والنماذج التربوية والأخلاقية المتنوعة، وقد تكون مخالفة لما أسّسته عليه الأسرة.
وأمام المتغيرات المتسارعة الحديثة فإنه من الأهمية بمكان أن تكون الدورات إلزمية مجانية كما هو الحال مع الفحص الطبي عند الزواج.