محمد آل الشيخ
لبنان دولة صغيرة، تاريخها الاقتصادي يعتمد اعتمادًا شبه كامل على عاملَين، الأول تجارة السياحة والترفيه، والثاني على استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في لبنان، وبالذات في المجال السياحي والترفيهي. ولبنان الآن يرزح اقتصاده المتهالك تحت ضغط دين يصل إلى تسعين مليار دولار، إضافة إلى تخلف الخدمات في مختلف المجالات، ابتداء من الكهرباء وانتهاء بالزبائل، التي لا تجد من يجمعها ويتعامل معها، وتخلف الخدمات في حالة زيادة باستمرار.
والسؤال الذي يستدعيه هذا السياق: هل حسن نصر الله يدرك هذه الحقيقة، حينما يرقع عقيرته مهددًا إسرائيل، وهو بهذا الضعف الاقتصادي الذي يجعل السائح في لبنان معرضًا في أي لحظة بضربة إسرائلية لا تبقي ولا تذر؟.. ثم هل وصلت به عمالته لإيران إلى درجة أن يجعل من بلده درعاً واقيًا لدولة الملالي في مواجهة إسرائيل؟..
في تقديري أن لبنان لم يعرف في تاريخه إطلاقاً أن وصلت حالته السياسية والاقتصادية إلى هذا الدرك من الذلة والمهانة والانبطاح للأجنبي، إلى هذه الدرجة، ولا أعتقد -أيضًا- أن الديمقراطية التي يتباهى بها اللبنانيون قد عرفت خلال تجاربها في كل دول العالم (حزباً) سياسياً يملك من الأسلحة والمعدات العسكرية والصواريخ بالشكل الذي يمتلكه حزب الله، حيث تجاوزت قوة الحزب العسكرية قوة الدولة التي ينتمي إليها بالشكل الذي جعل الدولة بجميع مؤسساتها مرتهنة لهذا الحزب، يتعامل معها كما يتعامل المالك في أملاكه الخاصة.
نصر الله، شاء من شاء، وأبى من أبى، هو حاكم لبنان الحقيقي، أما بقية الزعماء فهم مجرد شخوص شكلية لا تقدم ولا تأخر، ولا وزن لها ولا قيمة لا في داخل لبنان ولا خارجها.
وعلى أية حال فإن الصراع الحقيقي ليس بين لبنان وإسرائيل وإنما بين إيران وإسرائيل، التي جعلت من مقاومة إسرائيل ذريعة وحيلة لتمرير توسعها في المنطقة على العرب السذج؛ إيران الآن تعرف أنها لن تستطيع أن تبقى محاصرة إلى الأبد، وأنها ستجلس مضطرة على طاولة المفاوضات مع أمريكا، وبالتالي فإن ما يقوم به الحزب تجاه إسرائيل، تقوم به إيران لتحسين أوراق تفاوضها مع الولايات المتحدة، وبالذات إذا فاز ترامب بولاية ثانية في معركة الرئاسة الأمريكية المقبلة؛ بمعنى أن قرارات حزب الله يتخذها في الحقيقة (قاسم سليماني)، وليس حسن نصر الله، فلا تتعدى مهمة هذا الكاهن المعمم إلا الجعجعة والخطب العنترية والكلام الفارغ، فإذا استطاعت أمريكا فرض شروطها على إيران، ومنعت نشاطاتها التوسعية، ونقلتها من (الثورة) إلى (الدولة) فإن حزب الله سيصبح مجرد بطة عرجاء تعوم في بركة ماء آسن.
إلى اللقاء