فهد بن جليد
تدخلات الشباب وشجاعتهم أثناء وقوع حوادث الحرائق يُقدِّرها الدفاع المدني دائماً، ولكنَّه مؤخراً حذَّر بأنَّ تلك الاجتهادات قد لا تكون هي الطُرق الصحيحة لمواجهة الموقف، وقد تُخلِّف آثاراً أكبر، لذا الحل -برأيي- أن يطلق الدفاع المدني مبادرات تطوعية تحت مسميات جديدة فيها رمزية تعكس وتحفظ لهؤلاء المُتطوعين شجاعتهم ونخوتهم وفزعتهم الجاهزة في أي وقت، بتقديم (دورات قصيرة) لمن لن يقفوا مكتوفي الأيدي عند رؤية حريق أو حادث من هذا النوع، لنضمن تدخلهم بطريقة سليمة وصحيحة للتخفيف من آثار الحريق، وبما يحفظ لهم تقدير شجاعتهم وشهامتهم وفزعتهم من قبل المجتمع، والاستفادة من هذا الحماس الفوري والآني عند وقوع مثل هذه الحوادث بالطريقة الصحيحة التي يأمل الدفاع المدني اتباعها لحين وصول فرقه وآلياته.
التدخل الفوري غير المُخطَّط له، وعدم الاكتراث بالأخطار والتحديات المُحيطة من أجل إخماد حريق أو إبعاد سيارة أو إنقاذ أرواح مُحتجزة، يبقى هو ما يصنع (نجوماً شجعاناً) في نظر (المجتمع) ليحظوا بالتقدير والثناء المعنوي والمادي من الجميع، والشواهد كثيرة في العديد من الحوادث التي تدخَّل فيها الشباب سابقاً انطلاقاً من نخوتهم وشجاعتهم بشكل عفوي وفوري، لذا ستنجح هذه الدورات متى ما كان مفهوم الانخراط فيها والاستعداد والمُبادرة للتدخل بشكل صحيح هو (شجاعة بحد ذاته) تستحق التقدير، ولا تقل عن مقاطع الفيديو التي تحتوي على تدخلات عشوائية فيها مُخاطرة والتي لها شعبيتها في التداول والثناء.
لا حدود لفرحتنا بالمُبادرات الشبابية التي تظهر شجاعة أبناء الوطن وفزعتهم ونخوتهم للتدخل -أثناء وقوع حريق- فهي تعكس معدناً أصيلاً وتفاني وشجاعة المجتمع، ولها انعكاس إيجابي فنحن بحاجة لمُشاهدتها والشعور بها، وهي غالباً ما تجلب مكاسب وتقديراً مادياً للمُبادر نفسه كما حدث في قصص سابقة، وليس بالضرورة أنَّه يبحث عنها في الأصل فهو انطلق بدافع إنساني ووطني واجتماعي - بنية حسنة- للمُساهمة في إنقاذ الأرواح أو التخفيف من آثار الحريق. الدفاع المدني استشهد بالحادثة الأخيرة التي احتفى المجتمع فيها بشجاعة (شاب) ظهر في مقطع فيديو وهو يبعد سيارة جارة المُشتعلة بصدمها بسيارته عدة مرات، وحظي بتقدير وردود فعل واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن الدفاع المدني حذَّر من هذه التدخلات عندما قال إنَّ مثل هذا الاجتهاد قد يؤدي إلى كوارث أكبر - مع عدم وجود مُحتجزين وقرب الدفاع المدني- وهو ما حدث بالفعل بتضرُّر جزئي لمركبتين كانتا متوقفتين في الجانب المقابل، حيث تم دفع المركبة المشتعلة، التحذير إذا لم يرافقه تقديم بدائل ودعوة لتطوير مهارات وقدرات هؤلاء الشجعان للتدخل بشكل صحيح قبل أن يصل الدفاع المدني، فيخشى أنَّه يعني بأنَّ عليهم الوقوف مُتفرِّجين، وهو ما لا يريده الدفاع المدني بالتأكيد، بدليل تكريمه لمُبادرين سابقين.
وعلى دروب الخير نلتقي.