نخبة من الكتاب والكاتبات جمعهم كتاب «في زرقة الكتابة» تأليف محمد عسيري، استعرض تجاربهم وخبراتهم.. وأساليبهم الخاصة في الكتابة.. افتتح الكتاب بالحديث عن إبراهيم أصلان وقال عنه: انغمس في بيئته اليومية، سجل كل تفاصيلها التي تشبهه وتشبه غيره، لذلك كان خطه مختلفاً.. لقد صنع من تلك الحياة المتعثرة لوحة بيَّن فيها النبض وأعاد لها الكثير من بهجتها.
كان يرسم أحلام البسطاء.. يجعل لها أجنحة كي تحلق..
أصلان يكتب حكاياته واقفاً كما هي عادة الناس الذين عاشرهم، اعتمد في أسلوبه على التبسيط والتكثيف الممتع القريب من النفس.
لن يبكيه أحد أكثر من الشوارع المزدحمة التي ستفتقد خطواته والأرصفة التي كانت تحفظه جيداً.
توقف البوسطجي عن الركض خلف العناوين التائهة ومن الجلوس في لحظة استراحة على مقهى العواجيز في امبابة والوراق وعن الأديب إبراهيم مفتاح قال: هو المركب الذي فقد موال صاحبه فمال على الرمل ينتظر عودته.. هو المجداف الذي عانق الماء طويلاً حتى هشمه الملح.. هو البئر المهجورة في القصار.. والغناء الحزين والنخيل الذي يهمل ظله.
هو باختصار خارطة الوطن من الجهة الأخرى. ووصف الكاتب والصحافي وأحد رواد الصحافة في بلادنا عبد الفتاح أبو مدين بأنه رجل عصامي، فكل بداياته كانت من الصفر.. حياته.. والصحف التي أصدرها..
لقد جعل من نادي جدة الأدبي مسرحاً واسعاً للجميع ومنبراً لإقامة الأمسيات الأدبية والحوارية.
وعن اللبناني أنيس الحاج قال: شاعر كتب قصيدة النثر فجعل منها أفقاً رحباً وروحاً متجددة لا تشيخ.
ووصف أنيس منصور بأنه فيلسوف يكتب للبسطاء، وقال: كان مثابراً ملتزماً بالكتابة حتى آخر يوم من حياته.. ينهض عند الرابعة صباحاً.. يسير حافباً إلى مكتبه الصغير في طقوس يعرفها الجميع عنه.
يكتب حتى شروق الشمس ومن ثم يتوقف لتبدأ مرحلة القراءة المتنوعة والمنتظمة.
وعن ابن مكة محمود تراوري قال: ظله طويل.. يمتد من أول النهار لآخره معجون بالحكايات التي كانت ترويها ميمونة وجاراتها وهن ينثرن البخور.. لا أحد يستطيع تقليب كل أوراقه لأنها متناثرة، تركها للأيام كي تحتفظ بها.. كي تنسج منها حكاية أخيرة.
واشتمل الكتاب أيضاً على ما قيل عن سيدة المفردات الجميلة الشاعرة ثريا قابل.
وقال المؤلف: شعر ثريا قابل حالة من الإلهام.. مطر من الأوزان الباكية، طقوس حجازية غاية في الحسن.
وصاحب عبارة: «على هذه الأرض ما يستحق الحياة» محمود درويش قيل عنه الكثير وأبرز ما قيل: كان متزناً وهو يستقبل أمواج الشهرة محدثاً نفسه دائماً: لولا ألم الناس وحزني ودموع أمي والعصافير التي تموت في الجليل لما كنت أنا.
وعن العمدة محمد صادق دياب قال: إنه عمدة بحق.. يضع من كل اللحظات حالة من البهجة وكأنه بائع حظ.
أديب رفيع برغم انشغالاته الصحفية التي التهمت ثلاثة أرباعه إلا أنه ظل متربعاً في مقهى الثقافة بكامل أناقته.
والأديب عبد الله نور قال عنه: كان حاضراً تحت ضوء الشمس يمتلك قدرة كبيرة على الإمساك بكل التفاصيل وأدقها.. يتجول مع اللغة ويمزج بين الإبداع الحديث والموروث الذي يغرفه من بئر ذاكرته.
ابن مكة الذي استقر في الرياض لاعباً مشهوراً ذائع الصيت واغراه الأدب فلم يعد يتسع له ملعب كرة القدم فانطلق يراوغ بمهارة داخل ملعب الثقافة.
وعن فوزية أبو خالد يقول مؤلف «في زرقة الكتابة»: تمتلك مقدرة خاصة على التخلص من حالة النمطية التي تتملك الكثير من المبدعين.. لا تجدها تتحرك في الدائرة نفسها دائماً.. تحاول الخروج فجأة من المساحات المغلقة بأسلوب احترافي أنيق والتنقل من حقل إلى آخر محطمة الرتابة التي قد تجعل منها صورة مكررة.