الكتابة فن رفيع.. وعمل نبيل، تمتزج فيه العذوبة بالعذاب.. والكاتب الذي يجيد الكتابة تبقى كلماته الرائعة باقية في الذاكرة..
وللكتابة طقوسها الخاصة عند بعض الكُتاب المشاهير.. كما أن بداياتهم معها لها حكايات.. وخفايا.. وأسرار..
الأديب عباس العقاد كان يكتب على ورق في مساحة الكف بالحبر الأخضر أو الأحمر، ومن النادر أن يشطب كلمة.
وتوفيق الحكيم يكتب بخط رفيع خفيف كان يطير فوق الصفحات.
وإحسان عبد القدوس يكتب على الورق الخاص بطباعة الصحف.
وكان الأديب أحمد حسن الزيات يكتب بحروف صغيرة الحجم، ولكنها واضحة وأنيقة.
أما الأديب الفرنسي (هوغو) فكلماته تتزاحم على الورق، وتشعر بأن معركة ضخمة قد حدثت بين الحروف والسطور!
أما أغرب طقوس الكتابة فكانت للأديب (فلوبير) الذي يحرص قبل الكتابة على ارتداء ملابسه الأنيقة، ويضيء كل المصابيح في منزله، بما في ذلك الحديقة حتى يظن الناس أن هناك وليمة، تكون المفاجأة أن أحدًا لم يأتِ، وإنما الكاتب يحتفي بنفسه..!
غرائب الكتابة لا تنتهي.. فإحدى الكاتبات شبّهت الكتابة بالطبخ، وقالت: في البداية يقوم الكاتب بعمل خليط غير مرتب.. تلك بداية الطبخ والفوضى غير المرتبة تتم إعادة ترتيبها.. ومثل ذلك الكتابة.. فالأهم هو طرح الفكرة دون قلق حول اللغة والمفردات وعلامات الترقيم.. فكل ذلك يمكن إصلاحه فيما بعد، فالأهم في البداية هو وضع الفكرة واستمرار تسلسلها.
والكتابة كما يراها صلاح عبدالصبور: انفجار وتنفيس واشتباك من نوع ما..
ويقول في إحدى قصائده:
ماذا نملك غير الكلمات
هل نملك شيئًا أفضل؟
وجبرا إبراهيم جبرا يرى أن الكتابة لها دلالة في الحياة، أي إنها العيش بشكل مضاعف وغزير وملحّ.
وكان يوسف إدريس يحذر تلاميذه من واقع الكتابة، ويصف الكتابة بأنها تضحية مستمرة، ليس فيها أي مكسب، ولا حتى مكسب الشهرة الذي يعتقده البعض ويسعى إليه.. ويقول: إذا لم يوطن الكاتب نفسه حين يمسك القلم ليكون كاتبًا أو شاعرًا، يعطي باستمرار، ولا يأخذ شيئًا، فإنه ليس كاتبًا.