د.شريف بن محمد الأتربي
أُطلقت صافرة البداية لسباق التحدي في العملية التعليمية وبدأ المتسابقون كل حسب فئته في الركض للوصول إلى خط النهاية عبر عدد من المعيقات والمثبطات التي قد تواجه كل منهم؛ فوزارة التعليم وضعت خطتها الشاملة المتكاملة التي من المفترض أن تكون محصلتها تفوق ونجاح منسوبي الوزارة في إدارة العملية التعليمية وهو ما سينعكس على فئات المتسابقين من القادة والإداريين والمعلمين والطلاب.
فقادة المدارس بدأوا استعدادهم لهذه اللحظة قبل بداية السباق بأسبوع كامل تم خلاله التأكد من احتياجات السباق سواء من تواجد المعلمين والكتب وأيضًا انتهاء عمليات الصيانة والترميم في كثير من المدارس إضافة إلى توزيع المهام على المعلمين ووضع خطة الأسبوع الأول والخطط البديلة وخطط الفصل الدراسي كاملة.
والمعلمون أيضا تم إعدادهم لهذا السباق سواء من خلال إطلاق اللائحة التعليمية الجديدة أو من خلال التدريب الصيفي وأيضا حركة النقل وتهيئة المدارس لاستقبالهم وتوفير الوسائل اللازمة لمساعدتهم على تقديم دروسهم بصورة تتفق مع الأهداف التي خُطط لها وتراعي المخرجات المطلوبة للعملية التعليمية المرتبطة بأهداف الدولة سواء القريبة 2020 أو رؤية الدولة 2030 التي يقوم جزء كبير منها على ما ستفرزه العملية التعليمية من متعلمين مهيئين على الانخراط في سوق العمل ويشمل ذلك طلاب المعاهد الفنية أو الجامعات أو حتى الطلاب المكتفين بإتمام مرحلة الثانوية أو التعليم العام لظروف خاصة بهم.
والطلبة بدورهم يبدأون السباق وقد حصلوا على قسط وفير من الراحة وتم تهيئة البيئة الصفية لهم على أحدث النظم حسب الإمكانات المتوافرة وكذلك تم إعداد مناهج دراسية تتفق مع الطبيعة المعرفية لهم وقدراتهم التقنية التي أصبحت من أهم المهارات التي تُبنى عليها الخطط التعليمية.
ومع بداية السباق لا بد من وجود تحديات ستواجه هؤلاء المتسابقين وهذه التحديات يجب ألا تتحول إلى مثبطات ولكنها بقليل من الفطنة والذكاء والرغبة يمكن أن تتحول إلى قوة دفع نحو الوصول إلى النهاية بأكبر مكتسبات ممكنة، فقادة المدارس -وهم من مسماهم الوظيفي قادة بما يشمله المصطلح من صفات وخبرات- يمكنهم أن يتغلبوا على كثير من المعيقات التي قد تواجههم من خلال التخطيط السليم وترتيب الأولويات فعدم انتظام أحد المعلمين في الدوام لظروف معينة لا يجب أن يحرم الطلاب من العملية التعليمية أو انتظار مكتب الإشراف لحل المشكلة بل يجب أن يكون الحل حتى ولو كان مؤقتًا موجودا لضمان سير العملية التعليمية. والمعلمون عليهم أن يدرسوا المقررات المسندة لهم بشكل دقيق ولا يكتفون بما لديهم من خبرات سابقة فكلما قرأ المعلم المقرر وعاش معه وتخيله أمكنه التخطيط للعملية التعليمية سواء خلال الحصة أو خلال الفصل الدراسي فمهما كانت خبرة المعلم إلا أن التغير السريع في المعلومات وسهولة إتاحتها والوصول إليها ربما يضعه في موقف غير مرغوب داخل الغرفة الصفية، كما أن اختيار الوسيلة التعليمية والإستراتيجيات المناسبة لطلاب كل فصل هي من أنجع الوسائل لإنجاح العملية التعليمية، ناهيك عن دراسة شخصيات الطلاب واستيعابهم والتعامل معهم بروح الأبوة ومحاولة حل مشكلاتهم والبعد عن التشدد والغلو فهم في النهاية أبناء لهم وهم أمانة في يد المعلم يجب أن يحافظ عليها ويحفظها من أي زلل.
أما الطلاب فهم عماد العملية التعليمية ولا تستقيم هذه العملية بدونهم فتخيل أنك جهزت المدرسة والمعلمين والكتب وكل شيء ولكن لم يحضر الطلاب فأين التعليم؟ لذا فعلى الطلاب وأولياء أمورهم أن تكون ضربة البداية لهم مشجعة ومثمرة لا تهاون فيها وأن يكونوا شركاء في النجاح وأن يساعدوا معلميهم على حُسن تعليمهم ولا يكتفوا بدور المستمع فقط ولكن المشارك والمُقيم والمنتج وأن يستثمروا ما لديهم من مهارات وقدرات للحصول على أقصى استفادة من معلميهم والمصادر المتاحة لهم لتطوير معارفهم وتنميتها بما يتطلبه سوق العمل المستقبلي.
إن العملية التعليمية هي عملية متكاملة لا يمكن أن تتجزأ مهما حاول الخبراء والمتخصصون أن يجزئونها وعلى الجميع أن يدرك ذلك وألا يكون قوله: أنا عملت المطلوب مني وليس لي شأن بغيري. فهذا القول سيفسد السباق ولن يكون هناك رابحون.
وأخيرًا همسة في أذن التجار لا تزيدوا في الأسعار تحت شعار المكسب أولا فهؤلاء هم جنود الغد وزهور الوطن. وأيضا إلى المعلمين والمعلمات لا تثقلوا كاهل أولياء الأمور بطلبات يمكن الاستعاضة عنها بأشياء أخرى أو وسائل إلكترونية.