فضل بن سعد البوعينين
ظن البعض أن الحرب على الفساد توقفت بإعلان إنهاء أعمال اللجنة العليا لمكافحة الفساد بعد إنجاز مهامها. كما تنفس الفاسدون؛ ممن لم تطالهم إجراءات اللجنة؛ الصعداء، معتقدين أنهم باتوا خارج دائرة الاتهام والمحاسبة. ووجد الخبثاء ضالتهم، لترويج شائعاتهم وإدعاءاتهم الباطلة حول سبب إنشائها، وأهدافها المعلنة!.
لم يدرك الكثير أن تشكيل اللجنة العليا، ومن ثم إنهاء أعمالها بتحقق أهدافها، ما هي إلا مرحلة ضمن مراحل مستدامة هدفها تعزيز النزاهة وتحويلها إلى ثقافة مجتمع يتمسك بتعاليم الدين الحنيف ومبادئ النزاهة العامة، وإجراءات صارمة لمحاربة كل من يخرج عن دائرتها، وفق الأنظمة والقوانين.
ولعلي أستشهد بتصريحات الملك سلمان بن عبدالعزيز التي ذكرها العام 2015 خلال استقباله كبار المسؤولين والمهتمين بمكافحة الفساد في القطاعين العام والخاص؛ حيث أكد في كلمته التي ألقاها على «أن هناك إجماعاً في البلاد على مكافحة الفساد، وأكبر مكافح للفساد هو كتاب الله وسنة رسوله»؛ وإن المملكة «لا تقبل فسادًا على أحد ولا ترضاه على أحد». كما أن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز أكد وفي أكثر من مناسبة على ضرورة تحقيق النزاهة ومكافحة الفساد وشدد على أنه «لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد سواءً وزيراً أو أميراً أو أياً كان».
جاء توجيه الملك سلمان باعتماد تشكيل لجنة إشرافية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ومدير عام المباحث الإدارية، لتعزيز الإمكانات وتفعيل دور منظومة النزاهة ومكافحة الفساد، وإزالة المعوقات من أمامها.
القضاء على الفساد المالي والإداري هدفها، التغلغل في المفاصل الطرفية في المستويات الوسطى والصغرى وسيلتها لتحقيق أهدافها السامية. كان لافتاً تعيين معالي الأستاذ مازن الكهموس رئيساً لهيئة مكافحة الفساد، فخلفياته الرقابية والأمنية والإدارية ستسهم في تعزيز كفاءة الهيئة وتحقيق شراكتها الفاعلة مع الجهات الرقابية الأخرى، وتسخيرها لتحقيق الأهداف المنوطة بها.
وفي تصريحه الأول شدد «الكهموس» على «تغيير عمل منظومة الهيئة، وتشكيل لجنة لمكافحة الفساد من جميع الجهات المعنية بذلك؛ لعدم تكرار الإجراءات البيروقراطية المعمولة في السابق». صلاحيات الهيئة وفق أمر تشكيلها الأول ربما حدّ من مخرجاتها، وتجاوب الوزارات والهيئات الأخرى مع تحقيقاتها؛ وأحسب أن اللجنة الجديدة ربما ردمت الفجوة وعالجت بعض التحديات السابقة.
كما أن دعم سمو ولي العهد لمعالي الرئيس وللجنة سيسهم في جودة مخرجاتها، وتعاون الجميع معها، خاصة مع وجود اجتماع شهري بين سمو ولي العهد ورئيس الهيئة يمكن من خلاله قياس الأداء ومعالجة المشكلات ومحاسبة المقصرين.
أختم بالتأكيد على أهمية التشريعات في دعم عمل هيئة مكافحة الفساد، وبما يضمن لها القوة الرقابية، والإجراءات العدلية، والسلطة النافذة على الجميع؛ وأحسب أنها من أولويات سمو ولي العهد، الداعم الأكبر لمنظومة مكافحة الفساد في المملكة.