مها محمد الشريف
مهما اكتسبت المؤشرات من نتائج إيجابية أو سلبية، تظل الحرب مناوشات وإرهاصات تصنعها الحرب بين إسرائيل وحزب الله وهي في الواقع، عمل لم يبلغ في المحصلة أهدافه أو يحدث تغييراً أكبر في البنية السياسية المتبادلة، التي تسعى لها مليشيا حزب الله وقد نجحت في تفتيت مفاصل الدولة، واعتبروه نجاحًا يقوم على أنقاض السلطة اللبنانية وسيادتها. علما أن إستراتيجية أمريكا تتضمن تقليم وتقزيم أذرع إيران وأذنابهم وأولهم الحزب الإرهابي.
أعيدت هنا موضعة النزاعات في ذات الإطار، ومن ثم حشد قادة الجيش الإسرائيلي قوات إضافية لمنطقة الحدود الشمالية مع لبنان، في ظل استمرار تصاعد التوتر مع ميليشيات حزب الله، ويأتي ذلك وسط توتر بدأ قبل نحو أسبوع مع اتهام ميليشيا حزب الله لإسرائيل بشن هجوم عبر طائرتين مسيرتين في ضاحية بيروت الجنوبية، قال إنهما كانتا محملتين بمواد متفجرة. إحداهما سقطت بسبب عطل فني والثانية انفجرت، من دون أن يحدد هدف الهجوم.
ولهذا السبب غذت حروب العصابات العنف والفوضى في المنطقة، وتزينت المليشيا الإرهابية بزخارف عربية لتقف أمام العدو الصهيوني وهي في الحقيقة تؤدي دورًا مزدوجًا ومركبًا، جزء من إيران وجزء آخر باتفاق مع العدو لإعادة سيناريو قديم، فهل يمكن أن تقوم حرب بينهم بهذه الصور الخادعة؟
وهذا ما يجر دوماً إلى المزيد من التصعيد المفبرك، فقد كان رد حزب الله كما يُقال إنه بالتفاهم مع الطرفين من قبل روسيا على أن يصبح الرد متفقًا عليه لا ضرر ولا ضرار لتكون مشاهد متفق عليها، ومن ثم تابعت إسرائيل قصف أراضٍ خالية جرداء، والسؤال هنا، لماذا كل هذه الأفلام بين الأطراف الثلاثة؟ والمناخ الإسرائيلي السياسي كعادته يفتعل الأزمات مع العرب قبل كل انتخابات، وبحسب خبراء في الشأن الإسرائيلي عادة لدى الساسة الإسرائيليين، تجعل من الحرب ودق طبولها العنوان الأبرز للحملات الانتخابية فهذا دون شك هو المغزى منها.
غير أن إيران تتبع سياسة الحرب بالوكالة عبر أذرعها في المنطقة، التي فرضوها ليقروا شرعية أعمال العنف الممزق للمنطقة بدءًا من ميليشيات حزب الله في لبنان، وميليشيات الحشد الشعبي في العراق، إلى ميليشيات الحوثي في اليمن، وها نحن أمام دراما جديدة يقوم ببطولتها حسن نصر الله اختاروا لها اسم «الضربة الانتقامية».
لا شك، أن إيران في ظل النفوذ المتعاظم لروسيا وانجلترا أقامت معها علاقات متعددة وبصفة خاصة عسكرية ونجحت بشكل كبير باهتمام القوى الأوروبية، وأنشأت تبادلات عميقة، استفادت منها بغطاء سياسي لتفكيك منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما يمكن شرحه باحتدام الصراع والانقسامات الواقعة اليوم.
بينما في لبنان، لم تهتم الأمم المتحدة أبداً بإنشاء محكمة لمقاضاة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها زعماء المليشيات والجيوش الغربية التي كانت تحميهم ما بين عامي 1975 و1990- أو لمعاقبة إسرائيل بسبب الانتهاكات المتتالية التي قام بها الجيش الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية، ولكي يفهم المرء أسباب هذه النقمة، لا بد من العودة إلى موقف موحد لإنقاذ لبنان من مليشيات إيران ومؤامراتها مع إسرائيل وهذا يعتمد على انتفاضة وطن من الشعب اللبناني، فكثير يعمل من أجل المصلحة الغربية لتظل لبنان كدولة حاجز في النزاعات الإقليمية.