احمد حسن حكمي
تواصل الدولة إصلاحاتها من خلال ما أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مؤخرًا لعدد من الأوامر الملكية التي تصب في دعم وتطوير أجهزة الدولة والعمل على التجديد المستمر في هيكلها التنظيمي.
إن من أهم التغييرات التي شهدتها الأوامر الأخيرة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ليس على مستوى استبدال رئيسها فحسب، بل ما ستشهده من تغيير كامل في منظومة عملها والذي تسعى من خلاله للقضاء على البيروقراطية في بعض أنظمة الحكومة وتأثيرها السلبي على الجهود التي تبذلها الدولة في القضاء على الفاسدين صغارًا وكبارًا.
رئيس مكافحة الفساد الجديد مازن الكهموس وفي أول حديث إعلامي له كان صريحًا جدًا في نقل توجه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- بضرورة التواصل معه شخصيًا وإبلاغه بأي وزير لا يتفاعل معهم في تسهيل إجراءات محاربة الفساد، وهنا لا أتوقّع أي وزير يعي مسؤوليات المرحلة سيكون متخاذلاً في محاربة الفاسدين بوزارته، بل أجزم أن كل الوزراء سيتفانون في دعم الهيئة وتوجهها الجديد.
إذن من هم أبطال المرحلة القادمة؟ إن مرحلة هيئة مكافحة الفساد القادمة ستكون بالتوجه نحو الفروع في مفاصل جهات الدولة الحكومية والبحث عن الفاسد الصغير أياً كان موقعه والذي ظل لسنوات ينهش في عظمها مستترًا خلف نظام أو مسؤول يحميه، وكل ذلك للأسف على حساب خدمة المواطن وإنجاز مصالحه.
هذا التوجه الجديد والصريح من الدولة في مكافحة الفساد واجتثاثه من القاع يجعلنا على يقين بأننا نسير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق رؤية بلادنا 2030 والتي تعد هدفًا إستراتيجياً تبنى عليه الكثير من الآمال والطموحات من أجل مستقبل هذا الوطن ونماء أجياله.
لهجة ولي العهد الشديدة من خلال توجيهه لرئيس هيئة مكافحة الفساد وتحديده بأن المرحلة القادمة ستكون لاستئصال الفاسدين من الموظفين الحكوميين المتوسطين والصغار يدل على أن الدولة لديها ملف متكامل عن هؤلاء أشبه بملف الكبار الذي انتهى باسترجاع الدولة لحقوقها منهم، وأن المرحلة القادمة هي مرحلة مسح وتنظيف لأي أثر تركه «الصغار» وتسبب في تشويه وتعطيل مصالح ومشروعات الدولة وبالتالي لن ينجو أحد منهم مهما حاول الهرب فالكل لحظتها سيكون في دائرة الاتهام وسيدفع ثمن فساده وأكله أموال الدولة بالباطل.
** **
- مدير مكتب صحيفة الجزيرة منطقة جازان