د. أحمد الفراج
نواصل الرحلة مع أسوأ رؤساء أمريكا، إذ تحدثنا عن الأسوأ على الإطلاق، الرئيس أندرو جانسون، ثم عن جورج بوش الابن، واليوم سنتحدث عن الرئيس جيمس بوكانن، الذي انتخب للرئاسة عام 1856، وخدم لفترة واحدة، ولم يترشح لفترة أخرى، ومن المفارقات أنه كان الرئيس، الذي انتخب قبل انتخاب أفضل رؤساء أمريكا، إبراهام لينكولن، ما يعني أن الرئيسين، الذي سبق لينكولن والذي خلفه، تم تصنيفهما من أسوأ رؤساء أمريكا، وقد كان بوكانن محامياً، قبل أن يخوض غمار السياسة، وينتخب لمجلس النواب لولاية بنسلفانيا، ثم نجح في الفوز بمقعد في مجلس النواب الفيدرالي، ثم في مجلس الشيوخ، كما عمل سفيراً، ولكنه ورغم كل ذلك، فشل فشلاً ذريعاً في رئاسته، وذلك لأنه لم يتمكَّن من التغلّب على فلسفته الأيدولوجية المتطرفة، ولم يرغب في الصدام مع ولايات الجنوب العنصرية، التي كانت ترى أن التعرّض لمسألة الرقيق يعتبر خطاً أحمر، وكان لمواقف هذا الرئيس الهزيلة دور في تفاقم الأمر فيما بعد.
الرئيس بوكانن، هو الرئيس الأمريكي الوحيد، الذي لم يتزوج أبداً، ما يعني أنه متزوج بالسياسة، ومن المنطقي والحالة هذه أن يكون سياسياً بارعاً، ولكنه كان عكس ذلك تماماً، فلم ينجح أو يحسب له أي إنجازات تذكر، ففي الداخل، كان يتخذ موقفاً ضعيفاً من أهم قضايا تلك الفترة، أي الرق، وإن كان نجح في مواجهة الثائرين في ولاية يوتا الغربية، التي كانت موطناً للمسيحيين المورمن، ولا تزال حتى اليوم، أما خارجياً، فقد كانت له محاولات لفرض السيطرة الأمريكية، أو على الأقل، مزاحمة الإمبراطورية البريطانية على النفوذ، ولكن جلّ تلك المساعي لم تنجح، ولا شك أن مواقف هذا الرئيس كان لها دور في تفاقم الأوضاع، بين الشمال الصناعي، والجنوب الزراعي، الذي كان يعتمد على الرق، وهو الأمر الذي اضطر خلفه، الرئيس لينكولن، لخوض حرب أهلية دامية، انتهت بتحرير الأرقاء. والخلاصة هي أن هذا الرئيس الغريب الأطوار، الذي توقف المؤرِّخون طويلاً عند حياته الاجتماعية، وهو الأمر الذي لا يحسن الدخول في تفاصيله، كان رئيساً سيئاً، وفاقم من ذلك أنّ خلفه كان أفضل رئيس أمريكي على الإطلاق!