سعد بن عبدالقادر القويعي
إذا كنا نتحدث عن ضرورة حماية النزاهة، ومكافحة الفساد - اليوم -، فإن ذلك يستلزم برامج إصلاح شاملة، تحظى بدعم سياسي قوي، وتكتسب مضموناً إستراتيجياً؛ من أجل مكافحته، واقتلاع جذوره من كافة مفاصل الدولة؛ للحفاظ على المال العام، ومقدراتها، ومكتسباتها؛ الأمر الذي يجعلنا ندرك الأهمية الكبيرة، والإرادة السياسية الجادة التي يدعمها صانع القوة، والحزم من صاحب القرار، وهو ما كشف عنه رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد - المعين - ماجد الكهموس، بأن ينقل تحذيراً شديد اللهجة من ولي العهد، حين وجهه بأن المرحلة القادمة، ستكون لاستئصال الفساد وسط الموظفين الحكوميين - المتوسطين والصغار - الفاسدين منهم - فقط -.
يعد الفساد ظاهرة دولية، وعامل قلق للمجتمع الدولي؛ إذ يوجد بصور مختلفة، ومتابينة في جميع النظم السياسية، - خصوصا - عندما تكون الظروف مواتية لظهوره؛ باعتبار أن الفساد يبدد الثقة الضرورية بين المواطن، والدولة؛ لنجاح التنمية، - وبالتالي - لا يوجد خطر على المجتمع مثل خطر الفساد، فالفساد يهدد أهداف التنمية مباشرة، كما يعيق عملية التنمية الاقتصادية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ظاهرة الفساد تشمل جرائم متعددة، مثل: الرشوة، والمتاجرة بالنفوذ، وإساءة استعمال السلطة، والإثراء غير المشروع، والتلاعب بالمال العام، واختلاسه، أو تبديده، أو إساءة استعماله، - إضافة - إلى قضايا غسيل الأموال، والجرائم المحاسبية، والتزوير، وتزييف العملة، والغش التجاري، إلى غير ذلك من صور الفساد؛ - ولذا - فإن الحرب الطويلة مع الفساد، وأذرعه، يتطلب المضي قدما بالقضاء على الفساد، والفاسدين الذين قد يستغلون مناصبهم، وصلاحياتهم في سرقة المال العام، والتلاعب بمشاريع الدولة التنموية الكبيرة، والتي أدت إلى تأخر الخدمات، وتعطيل التنمية، والاقتصاد.
بدون استثناءات لأشخاص معينين مهما كان نفوذهم، ومهما كانت سلطتهم بالدولة، فإن ضرورة تنمية الوازع الديني لدى أفراد المجتمع؛ لردعهم ذاتيا عن الفساد، ونشر قيم النزاهة كالأمانة، والشفافية، ومبدأ المساءلة؛ لتصبح ثقافة مجتمعية، ورفع مستوى الأجهزة الرقابية - تأهيلا وعددا -، وإعطاؤها كامل الصلاحية؛ لممارسة مهام عملها، والمتوافق مع الإصلاح السياسي الحقيقي للدولة، سيؤدي - في نهاية المطاف - إلى تقوية دور المؤسسات الرقابية، - وفي مقدمتها - السلطة التشريعية.