م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. من يتكلم عن «الأمة» اليوم يقع خارج الزمن.. لأنه يعتبر متخلفاً جداً عن إيقاع الزمن وسرعته.. فالعالم في العصر الحديث انتقل إلى الدولة القُطْرية.. وبعدها انتقل إلى العولمة.. وفي زمن العولمة لا بد للناجح أن يكون شخصاً عالمياً.. أينما وضعته سوف يعيش ولا يهلك.. ثم انتقلنا بعدها إلى عالم الفردانية حيث يعمل الفرد لنفسه.. فهو يقدّم خدماته المعرفية أو المهارية ليس من خلال منظمة، بل من خلال الاتصال الفردي.. مما جعل المهن الأكثر انتشاراً في عالم اليوم هي المهن الحرة.. وأصبح رأس مال الشخص يتمثِّل في معارفه ومهاراته.. فنفسه هي رأسماله!
2. عالم اليوم هو عالم التنافسية الفردية.. فالأمر لم يعد يقتصر على التنافسية الجماعية.. كتنافس الدول مع الدول والشركات مع الشركات.. بل أصبحت تنافسية الفرد مع الفرد.. ودخلنا عالماً جديداً إيذاناً بنهاية العالم السابق الذي أصبح قديماً.
3. عالم الفردانية انتقل بنا إلى معايير ومراحل أخرى.. منها أن المنافسة لم تعد مع الآخر.. وأن التنافس لن يكون ضد الآخر.. بل ستكون المنافسة والتنافس مع النفس.. والفرد سيلعب في ميدان السباق وحده.. فالتقنيات الحديثة سهلت الانتقال من العالم الجمعي القديم إلى العالم الفردي الجديد.
4. من سمات الفردانية في العصر الجديد أن الفرد سيبتعد عن الجدل في الدين والسياسة والمواقف الجماعية ويركز على النفس.. ولا يعني الابتعاد عنها عدم الاهتمام بها لكن يعني أنه لن ينغمس فيها على حساب تنافسيته الفردية.
5. لا أحد يشبه أحداً.. فالفروقات الفردية سمة إنسانية عامة.. وهذا هو الأساس الذي قامت عليه الفردانية.. والاختلافات بين الأفراد لا تقتصر على دوافع الإنجاز ومعاييره، وملكة التأثير، والتفكير العميق، والقدرة على التحليل، والمبادرة، ومواجهة التحديات، والثقة بالنفس، والانتباه.. بل تتعداه إلى كل شيء في الحياة.. فلا أحد يشبه أحداً في هذه الدنيا.
6. التحولات الحضارية التي طرأت على المجتمعات الغربية في المرحلة المعاصرة خلقت ما يُسمى «بالفردانية» الشخصية.. وهي التي تُفَتِّت البنية الاجتماعية القائمة على الانضباطية والاتباع وروح الفريق الواحد وأن مصلحة الجماعة فوق مصلحة الفرد.. في ذات الوقت سوف تحول المجتمع إلى بيئة مرنة تتأثر وبشكل فردي بوسائل التواصل الاجتماعي.. كما ترتكز على محفزات هي إثارة الحاجات، والجنس، وحقوق الإنسان، والاستغراق في الترفيه.
7. تقوم فكرة الفردانية على التمركز حول مفهوم الإشباع العاطفي والبدني والتعليمي والتسويقي والترفيهي للفرد.. وتستفيد من كمية الخيارات المتاحة وانفلاتها من الخضوع للقواعد الجماعية مثل الأعراف والتقاليد.. مع الرفع من قيمة التنافسية.
8. عالم الفردانية هو عالم التنافسية.