فهد بن جليد
استثناء الأخبار الصحفية (الحصرية) من قانون الحماية الفكرية - فيه نوع من الإجحاف - بحق الصُحف والصحفيين الذين ينفردون بنشر تلك الأخبار ويجتهدون في جمعها والحصول عليها بعد أن كلَّفت جهداً، وقيمة مالية مُهدَّرة، يستحقون مقابلها -برأيي- أدبياً على الأقل نسبة الخبر إليهم (كمصدر)، وهي عملية أخلاقية تلتزم بها قلة من الوسائل الإعلامية، وإن كانت (غير مجبورة) على ذلك نظاماً، ولا تُعاقب على تدوير محتوى الخبر بصيغه وشكل جديد دون الإشارة إلى مصدره الحقيقي، فالمحتوى الإخباري عمره قصير جداً، وبات حقاً مُشاعاً للجميع، فالالتزام بهذه (الأدبية) يدعم العمل الصحفي ويشجعه وينميه، مؤخراً اطلعت في صحيفة مكة على (رأي) من المحامي الخبير ماجد قاروب يقول فيه: إن الخبر ليس ملكية فكرية لأحد، لأنَّ المعلومة الخبرية ملك للجميع، وبالتالي إعادة نشرها أمر مُتاح ومسموح، والمُحرَّم فقط هو إعادة نشر التصميم أو القالب أو الفيديو الذي احتواه الخبر دون الإشارة للمصدر، وهو ما يعد انتهاكاً لنظام الملكية الفكرية فقط، ووافقه على ذلك تعليق من المتحدث الرسمي باسم الهيئة السعودية للملكية الفكرية الذي أكَّد -استثناء- الأخبار الصحفية من نظام حماية المؤلف، استناداً لاتفاقات دولية سابقة، مثل (اتفاقية برن) التي برَّرت ذلك بصعوبة احتكار الأخبار الصحفية.
عدم الحماية هذا تسبب في (فوضى إخبارية) ضمن معركة (غير مُتكافئة) تعيشها الساحة الإعلامية اليوم، مُنحت فيها الصحف والمواقع الإلكترونية الأكثر والأسرع انتشاراً تفوقاً على سرقة المحتوى والجهد من (الصحف ووسائل الإعلام التقليدية) ، بإعادة النشر مع إضافات وتعليقات جديدة بطريقة ذكية وتسويقية، وهذه حقيقة (مُزعجة) نشاهدها ونتابعها باستمرار عندما يتم إعادة نشر المحتوى الإخباري بطُرق وصيغ مُغايرة، وكأنَّه جهد وتميز تفوَّقت فيه دون غيرها، وهنا أقترح تحركاً من هيئة الصحفيين السعوديين لإيجاد ميثاق أخلاقي (بزمن مُحدَّد) يحمي الأخبار ويحفظها لمصادرها - لأول 24 ساعة على الأقل- من النشر قبل إعادة نشره مرة أخرى دون مصدر، حتى لا نخسر المصادر الحقيقية ونضعفها لصالح الأسرع والأكثر انتشاراً.
هذا (الرأي القانوني والتعليق الرسمي) يبقيان أخلاقيات العمل المهني الإعلامي وأدبياته (كفيصل) عند إعادة النشر، وهنا يجب أن نشيد بصحف إلكترونية سعودية تحافظ أخلاقياً على معايير العمل الإعلامي بهذه الطريقة الراقية، وعلى رأسها ( صحيفة سبق الإلكترونية) التي تذكر المصادر الإعلامية غالباً، فيما تغيب هذه المعايير عن صفحات مواقع إلكترونية وإخبارية سعودية وعربية أخرى تقوم بإعادة نشر المحتوى بطريقتها الخاصة، بالمُقابل على الصحف والصحفيين ابتكار (طرق تشويقية) للنشر حتى تحافظ على التميز وتساعد في ذهاب (السبق الصحفي) لأبعد مدى من الانتشار، خصوصاً مع إخفاق القانون في حمايتهم.
وعلى دروب الخير نلتقي.