د. محمد عبدالله الخازم
عطفاً على ما أقترحته في مقال سابق حول المراكز الثقافية السعودية في الخارج وبمعرفة جهود مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية (مسك) وبعضها يحدث أو له علاقة بالخارج، وامتداداً لتساؤل سابق، طرحته بهذه الزواية، عن إمكانية أن تصبح مسك هي (فورد) السعودية، تأسياً بمؤسسة فورد غير الربحية التي تنتشر أعمالها في كل أنحاء العالم وبذرتها الأولى كانت تبرعًا من فورد وأسرته، أطرح التساؤل؛ لماذا لا يكون لدينا مسك دولية أو عالمية أو أمريكية أو بريطانية؟
تسجيل مسك كمنظمة غير ربحية، ثقافية، تعليمية، فكرية في كندا أو أمريكا -وفق خبرتي في هذين البلدين وأتوقع بإمكانيته في دول أخرى- ممكن التحقق ويعزز حوكمتها وأنظمتها ويتيح لها الانتشار والعمل مع الجامعات والمنظمات في تلك الدول عبر شراكات منهجية منظمة، وكذلك الاستفادة من امتيازات المنظمات غير ربحية في تلك الدول. قيام مسك حالياً بتنفيذ أنشطة في الخارج يتطلب اعتبارها جهة أجنبية تقوم بشراء خدمات بشكل مكلف اقتصادياً لكنها لا تقيم نشاطات في دول أخرى يمنحها حضوراً إستراتيجياً عالمياً أكبر، بينما عندما تسجل كمنظمة محلية أو منظمة دولية ذات مقر/ مكتب مسجل رسمياً في الدولة يسهل مهامها ويزيد فاعليتها.
إن إحدى الملاحظات على المنظمات أو المؤسسات السعودية غير الربحية الكبرى المشابهة لمسك هو تواضع نشاطها الدولي لأنها تجد صعوبة في فهم أنظمة الدول المختلفة وفي الاستفادة من المساحات الواسعة التي تقدمها تلك الدول للمنظمات غير الربحية بالذات تلك التي لها علاقة بالعلوم والثقافة والتبادل المعرفي.
إن الأثر الذي يمكن إحداثه بالعمل غير الربحي خارجياً يمتد لأمد طويل، فأذكر على سبيل المثال تبرع الملك خالد -رحمه الله- لمؤسسة كليفلاند، ما زال أثره ممتداً واستفاد منه وما زال عشرات الطلاب الأجانب في المجالات الطبية، لأن فكرة العمل غير الربحي في الغرب لا تعني التبرع الخيري لمرة واحدة وإنما الاستثمار وإعادة الأرباح لنفس المنظمة التي تنمو بشكل مستمر، بفضل ذلك الفعل. للأسف أن البعض لا يعرف عن ذلك التبرع، لكن القائمين عليه يقدرون للملك خالد تبرعه قبل عقود من الزمن حتى اليوم.
بالطبع الأمر يتطلب بعض النقاش والأمثلة التي ليس مناسباً إثقال كاهل مقال صغير كهذا بتفاصيلها، لكن الفكرة الرئيسة التي أردت إيصالها هي حث مسك للتوسع دولياً لتكون رابطا حضارياً، ثقافياً، تعليمياً غير ربحي/ غير رسمي بين المملكة والدول المختلفة، لعله يصبح لدينا مسك الدولية أو مسك الامريكية/ مسك البريطانية/ مسك الكندية... إلخ. طبعاً أحد البدائل المقترحة هي إيجاد مكاتب لمسك في الدول الكبرى، وهذا تفكير محلي، له محاذيره ولا أميل إليه لوجود تجارب سابقة فشلت لأسباب ليس هنا مجال نقاشها.