محمد سليمان العنقري
منذ حوالي أربعة شهور ومؤشر سوق الأسهم ينزف من مكاسبه فقد هبط أكثر من 1600 نقطة ما بين قمة شهر ابريل عند 9400 نقطة وهبوطه حالياً لمستويات 7800 نقطة، ورغم عديد الأسباب التي تعد سبباً لهذا الهبوط لكن عند المقارنة بما يحدث بالأسواق العالمية نجد أن السوق المحلي ناله من الضغط والتصحيح ما يفوق تلك الأسواق مما يعني أن أسباباً أخرى لابد من النظر لها وتقييمها ومعالجتها.
بداية فقد اعتبرت الحرب التجارية بين الصين وأميركا إضافة لتباطئ نمو الاقتصاد العالمي ورفع أسعار الفائدة على الدولار قبل أن يتم خفضها مؤخراً لكن بنسبة بسيطة وكذلك تراجع أرباح بعض القطاعات بالسوق خصوصاً البتروكيماويات إضافة لعوامل اقتصادية عديدة أسباباً للتصحيح الذي حدث بالسوق لكن عند النظر للعوامل المحلية فإن الاقتصاد الوطني عاد للنمو منذ العام الماضي واعتمدت خطط تنموية ومشاريع عملاقة لتنشيط الاقتصاد ودعمت بميزانية عامة تريليونية وتم دعم إنفاق المستهلك ببرامج مثل حساب المواطن وبدل غلاء المعيشة وأيضا ازداد الإقراض للأفراد خصوصا بالتمويل العقاري مما نشط سوق العقار السكني ووضح ارتفاع مبيعات مواد البناء خصوصا نمو مبيعات شركات الاسمنت التي تحسنت نتائجها بشكل ملفت إضافة لارتفاع أرباح القطاع المصرفي التي استمرت بالنمو إضافة لاستكمال انضمام السوق لمؤشرات مورجان ستانلي وفوتسي وستاندر اند بورز للأسواق الناشئة والتي تم ضخ عشرات المليارات الأجنبية من خلالها لترفع نسبة الاستثمار المؤسسي بالسوق مما يعني أن ما حدث من ضغط واتجاه هابط بالمؤشر لم يكن متناسقاً مع محفزات عديدة جوهرية تدعم السوق المالية ولا تتماشى مع ما يحدث بالأسواق العالمية التي رغم أن لدى دولها ضغوط وتحديات اقتصادية كبيرة إلا أنها لم تهبط بنفس نسبة ما حدث بالسوق المالي المحلي فقد خسر السوق المحلي أكثر من 16 % بينما لم يفقد الداو جونز أكثر من 5 % تقريباً رغم المخاوف من دخول الاقتصاد الأمريكي بركود والحرب التجارية الحادة مع الصين.
فسوق المال يعد أهم القنوات التمويلية للاقتصاد ولابد من معرفة دقيقة بجوانب فنية تتسبب بالتذبذب العالي بالمؤشر إضافة للشفافية والإفصاح والذي رغم تطوره بالسنوات الأخيرة إلا أنه لابد من رفع مستواه بأكثر مما هو قائم حالياً، فمن المهم التعجيل بتطبيق أدوات تداول جديدة وعديدة لضبط حركة المؤشر ومنع هذا التقلب الحاد فيه مع تفعيل واسع لدور صانع السوق (صانع السهم) فلابد من وجود قوى متعددة تتدخل في حركة المؤشر والأسهم عموماً إضافة لتحرك المؤسسات المالية بمنتجات عديدة تساهم باستقرار السوق.
سوق المال المحلي شهد تطوراً بالأنظمة والتشريعات خلال السنوات العشر الأخيرة لكن حدة التقلبات بالسوق تتطلب تسريعاً بتفعيل أدوات تداول ومنتجات مالية متنوعة وعمق بالتقارير والتحليل إضافة لزيادة الشفافية بالإفصاح على كافة الأصعدة ذات العلاقة بالسوق الذي يعد من أهم ركائز تمويل الاقتصاد ورؤية 2030 م.