فضل بن سعد البوعينين
ترتبط الأوامر الملكية الكريمة المعنية بإعادة هيكلة الوزارات وإنشاء الهيئات؛ بالإصلاحات الموجهة لتحقيق أهداف رؤية 2030 الإستراتيجية، وهي أهداف طموحة تحتاج إلى كثير من المراجعة والقياس لمهام الإدارة التنفيذية والتنظيم المؤسسي المُلبي للاحتياجات، والداعم لتنفيذ الأهداف. ومن المهم النظر لتلك الأوامر الملكية من منظور إصلاحي صرف، فالحكومة تعمل كفريق عمل متجانس، وفق رؤية مستقبلية محددة، لضمان إنجاز الأهداف المرسومة في فترة زمنية محددة بـ 2030؛ لذا فهي تحتاج دائمًا إلى الدعم والمساندة والتمكين المتوافق مع الأهداف الإستراتيجية.
لكل مرحلة زمنية احتياجاتها الخاصة، ولكل قرار جوانب إيجابية وتحديات تتطلب المعالجة السريعة؛ كما أن عمليات الإصلاح الأولية تحتاج في بعض جوانبها إلى تركز الصلاحيات وبما يساعد على رسم صورة بانورامية عن القطاعات الاقتصادية المتداخلة قبل إعادة فصلها من جديد. وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية شكلت جانبًا مهمًا من الإصلاح الهيكلي والتنفيذي حين إنشائها؛ وأحسب أن التشريعات المهمة التي تجاوزت البيروقراطية لم تكن لترى النور لولا ذلك الجمع الاستثنائي. الأمر عينه ينطبق على تنفيذ مشروعات صناعية كبرى وشراكات عالمية في قطاعي الطاقة والصناعة من جهة، والتعدين من جهة أخرى. إلا أن الحاجة باتت ملحة لخلق دعم استثنائي لقطاع الصناعة يمكنه من تحقيق أهم أهداف الرؤية المرتبطة بتنويع قطاعات الإنتاج، وزيادة حجم الصادرات، وتعزيز المحتوى المحلي وخلق الوظائف، وهي أهداف تحتاج إلى مرجعية مستقلة، وتركيز مكثف يضمن تحقيقها. الأكيد أن الحاجة لوزارة الصناعة لم تكن طارئة، بل أصيلة منذ إطلاق رؤية 2030، وربما قبل ذلك، إلا أن الحاجة لها اليوم باتت أكثر إلحاحًا.
كتبت في الجزيرة، بتاريخ 5-5-2016 ما نصه: من متطلبات الإستراتيجية الصناعية وجود «وزارة صناعة» مستقلة قادرة على تحقيق أهداف الحكومة وتولي مسؤولية القيام بأعباء برامج «الرؤية» المكثفة. يحسب للقيادة متابعتها الدقيقة للقرارات الصادرة ومراجعة الإنجازات والتواصل الدائم مع أطراف العلاقة، ولعلي أشيد بالدور المهم الذي يلعبه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في التواصل الدائم مع القيادات والمختصين في جميع القطاعات، ومنها القطاع الخاص، ممثلاً في الغرف التجارية، والقيادات الصناعية التي تطرح احتياجاتها، ومتطلبات القطاع، ورأيها في الإصلاحات المنفذة، وإمكانية معالجة التحديات ومنها تحدي قطاع الصناعة، وأهمية وجود وزارة مستقلة لدعمه وتحفيزه وتحقيق أهدافه الإستراتيجية. إنشاء وزارة للصناعة أحد أهم احتياجات المرحلة القادمة، ومطالب الصناعيين، وتوصيات المختصين، لمواجهة المتطلبات الإستراتيجية، وإحداث تنمية صناعية حديثة تحقق أهداف الرؤية وتعزز التنوع الاقتصادي المأمول. خلق المظلة المتخصصة بالصناعة من أدوات تحقيق أهداف الرؤية الرئيسة ومنها رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 % إلى 50 % من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي؛ و»خفض معدل البطالة من 11.6 في المائة إلى 7 في المائة». فالقطاع الصناعي مطالب حاليًا بخلق ما يقرب من 1.6 مليون وظيفة بحلول العام 2030 وهو هدف ثقيل يفترض أن تعززه الإمكانات التنفيذية والمرجعية المستقلة، التي أقرت القيادة بإنشائها لدعم قطاع الصناعة والصناعيين وتمكينهم من تحقيق أهداف رؤية 2030.