محمد آل الشيخ
لا أعتقد أن هناك دولة من دول الخليج يمر مستقبلها بحالة ضبابية غير واضحة مثل قطر، وكان ذلك أمرًا طبيعيًا نتيجة للمؤامرات الخطرة والخسيسة التي أقدم عليها نظام الحمدين الحاكم، وخرج منها صفر اليدين. ولعل هذه الأزمة التي تعيش فيها قطر، ولا يبدو أن لها نهاية قريبة ستقضي عليها إذا استمر القطريون في التحدي والمناكفة وعدم الرضوخ لمتطلبات الإنقاذ المتمثلة في قبول الثلاثة عشر شرطًا. فليس ثمة علاج لأي مرض ما لم يستجب المريض لتشخيص الطبيب ويكف عن كل عوامل من شأنها أن تزيد من انتشار أعراض المرض، أما إذا كابرت وادعيت أن بإمكانك أن تعيش في صحة جيدة ولم تقلع عن عاداتك المرضية السيئة، فإن المرض سيتفاقم ويستشري إلى أن يصل إلى كونه حالة مستعصية على أي علاج، ولن تفلح فيها جميع الأدوية والعقاقير. فاللاعب السياسي المحترف والحصيف لا بد أن يعترف أن أولى مسلمات السياسة أنها فن الممكن وليست فن العناد والمكابرة. ولو عاد أحدكم إلى بداية الأزمة التي تعصف بهذ الدويلة الثرية سيجدها تبدأ من 2011 بشكل جلي وواضح، وإن كان لها أسباب ودوافع أتت قبل ذلك، وتحديدًا منذ انقلاب الوالد حمد على أبيه خليفة. ومنذ ذلك التاريخ فتحت قطر أبواب خزائنها للثوار العرب، يعبون منها ما يريدون، وكان الطموح أو الحلم أن تتحكم قطر في تلك الدول التي ستطيح بها الثورات، وتصبح الدوحة هي الآمر والناهي غير أن شيئًا من ذلك لم يحدث، بل انقلب السحر على الساحر، وعلى حين غرة وجدت نفسها مقاطعة من أربع دول عربية مقاطعة كاملة، وعلاقتها متوترة بالدول الأخرى، والقطريون أصبحوا مطاردين أينما حلوا وارتحلوا تلاحقهم تهم دعم الإرهاب، أما تركيا التي ارتموا في أحضانها، فاستغلت المقاطعة وأصبحت تستنزفهم ماليًا وسياسيًا، لأنهم يعلمون يقينًا أنهم لو تركوا قطر، لوجدت نفسها في صحراء يحفها السراب من كل جانب.
قطر إذا لم تحدث مفاجآت غير متوقعة مقبلة على تنظيم كأس العالم، وهي الآن تمر بظروف ومتغيرات إقليمية تجعل من تنظيم هذه المسابقة العالمية قضية شبه مستحيلة، إذا لم تكن بالفعل مستحيلة. فقطر تفتقر إلى الإمكانات البشرية لتوفير كل شيء، ابتداء من جنود الأمن، وانتهاء بالكوادر التي ستقدم الخدمات للفرق المتنافسة ناهيك عن المشجعين، فهذه الدويلة تعاني فقرًا شديدًا في الكوادر البشرية، الأمر الذي يجعلها تعتمد على العنصر الأجنبي الذي سيواجه صعوبات جمة في التواصل مع القطريين لوجود عائق اللغة والثقافات المختلفة. كما أن التموين الغذائي هو الآخر يعد معضلة كبرى، فالمواد التموينية بمختلف أشكالها وتنوعاتها يجب أن تكون في الغالب طازجة، وأن تستوردها عن طريق الجو، والجو فقط، وهذا يعني أن تتدخل الدولة من خلال الإعانات لتجعلها ذات أسعار مقبولة، وعلى ذلك فقس، بالنسبة لبقية مواد الغذاء الأخرى.
وختامًا أقول: مهما ركب القطريون رؤوسهم، فلا حل أمامهم إلا الرضوخ للشروط الثلاثة عشر أو الاعتذار عن تنظيم المسابقة.
إلى اللقاء