سُرى بنت عبدالله العليان
يقال دوماً أحبّ ما تعمل حتى تعمل ما تحب، ويبقى السؤال «كيف أحب ما أعمل؟»
فلنتفق أولاً، أنه لا وجود للأعمال الصعبة في عصر التخصصات، فالجميع مؤهل لما يعمل، ولنكون أكثر وضوحاً وتحديداً، إن ما هو موجود غالباً واحد أو أكثر من الأشخاص المتعبين الذين يعرقلون العمل ويجعلونه شاقاً على أنفسهم ومن حولهم، وربما دفعوك للتبلد أو الجنون! فاحذر يا زميلي العزيز أن تكون واحدا منهم.
لن أبيعك الوهم فلا يوجد ضمانات تجعلك تحب ما تعمل، ولا أملك لذلك وصفة سحرية ولكني سأشاركك بكل الحب بعض الأفكار التي تجعلك تحب ما تعمل.
بداية؛ اعمل مع من تحب، وبطبيعة الحال ليس المطلوب أن تبني علاقات شخصية مع زملائك أو أن تتقرب من رؤسائك، ولكن من المهم جداً أن تجد بزملائك ما تحبه وبرئيسك ما تُجله، فليس أعظم من أن تكون جزءًا من منظمة ذات استراتيجية عملية واضحة وقيم مهنية وإنسانية سامية يدعم فيها الزملاء بعضهم، ويرأسها من يبهرك بخبراته وتباهي بكفاءاته وتثق بنزاهته وتراهن على إنسانيته فيجعلك متطلعاً دائما للاستنارة بتوجيهاته، بما يصقل مهاراتك ويضيف لخبراتك.
استشعر الخدمة الانسانية التي تقدمها في عملك: عادة ما يرتبط الشعور بالسعادة بحصولنا على الأشياء الجميلة، لكن هل من الممكن أن نشعر بالسعادة عندما نؤدي مهامنا ونقوم بواجباتنا؟
يقول ليو تولستوي: «إن خدمة البشرية هي المعنى الحقيقي للحياة» وتؤكد نتائج الدراسات والتجارب الإنسانية أن مساعدة الآخرين تسهم في تخفيف القلق وتقليل مستويات الخوف والتوتر، وتعزيز الشعور الإيجابي بما في ذلك الشعور بالسعادة، ووفقا لدراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة اوكسفورد البريطانية، فإن قيام الشخص بشيء إيجابي تجاه الآخرين؛ يسهم في تعزيز سعادته الشخصية، وبعيداً عن تجارب الآخرين ونتائج الدراسات، أدعوك لتجرب بنفسك متعة تقديم الخدمات بمودة وإحسان لجميع المستفيدين من عرفت منهم ومن لم تعرف.
تحمل المسؤولية: واعلم بأنك حتى وإن واجهتك بعض العقبات فإن شعورك الداخلي بالمسؤولية؛ سيدفعك للبحث عن الحلول بما يجعل رحلة تجاوزها ممتعة.
ركز على الجودة: تمرن على الإتقان ولا تنشغل بسرعة الإنجاز، وكن على يقين بأن رغبتك الداخلية الصادقة بالإنجاز المتقن، ستنعكس خارجاً وستتفاجأ أن كل ما في الكون مسخر لخدمتك، وستأتي سرعة الإنجاز تباعاً، مصحوبة بأداء ذو جودة عالية يفوق المتوقع.
تبادل المعرفة مع الآخرين واعرض خدماتك: يقول وينستون تشرشل «نحن نعيش بما نأخذ ونصنع حياة بما نعطي» علّم وتعلم، واسأل وابحث وكن دوما مستعدا لاستقبال المعرفة من الجميع.
تقبل الاختلافات: فإن ذلك من شأنه أن يجعلك أكثر لطفاً مع نفسك والآخرين وبالتالي أكثر مرونة وقدرة على التغيير.
كن واعياً بأهدافك الشخصية - المعلنة والخفية- : وحددها بما لا يتعارض مع أهدافك الوظيفية ويتماشى مع سياسة المؤسسة التي تعمل بها والتزم بتحقيق جميع أهدافك على المستوى الشخصي والوظيفي وفق خطط واضحة ومرنة.
تعامل بمهنية وتخلص من الحساسية: قيم ذاتك بموضوعية وفق الأهداف المحددة والصلاحيات الممنوحة لك، كن منصفاً ولطيفاً مع ذاتك، كافئ جهودك وافخر بإنجازاتك واحتفل بنجاحاتك ولا تنتظر ذلك من الآخرين.
اعمل بهدوء بعيدا عن السلبيين والمحبطين: ابدأ يومك بالتوكيدات الإيجابية، وركز جهودك في تعزيز نقاط القوة لديك واسع لتطوير مهاراتك ولا تقارن نفسك بزملائك.
احرص أن تكون البيئة المادية حولك نظيفة ومنظمة فمن شأن ذلك أن يساعدك في ترتيب أولوياتك.
أخيراً، إن جميع ما ذكر أعلاه صادق وحقيقي ومجرب، وعودة على البداية فإني أعلم يقينا ومن تجربة أنك قد تجد الحشف وسوء الكيل حين تضطر للتعامل مع مسؤول يعاني من انخفاض حاد في مستوى الفهم أو صعوبة بالغة في القدرة على التفكير المنطقي وليس أسوأ من رئيس يجمع بين الاثنين و تنقصه الخبرة، ولكن الحياة مليئة دائماً بالخيارات، وكما يقال «المتعة تكمن في الطريق وليس في الوصول» فإن فقدت الثقة بالمسؤول لا تجبر نفسك على البقاء؛ ولاسيما حين يستمرئ الظلم وتفوح منه رائحة الحماقة والغباء ويتسلح بمعاول العنجهية والادعاء.
كن طيراً وحلق في الفضاء، لا بأس أن تحاول مرة وربما مرتين ولكن لا تسمح لهم بإيذائك؛ حين لا تشعر بإيمانهم بك وتفقد الأمان بينهم غادرهم، ولا تنس الدعاء على من ظلمك، وأنا بدوري سأدعو أن يحالفك الحظ مثلي وأن تتاح لك فرصة جديدة للعمل وسط بيئة صحية بين زملاء عمل داعمين، ومحبين يسوؤهم إخفاقك، ويفرحهم نجاحك، وكن على يقين بأن للمتميزين دائماً فرص متميزة تشبههم ويستحقونها!