رقية سليمان الهويريني
مازلت أرى أن تطوير التعليم يتطلب إستراتيجية حكومية تحشد لها الكفاءات المتعطشة للتنمية والتحسين وليست المتلهفة على المناصب والبدلات! وما لم تتوافر تلك الكفاءات؛ فإن رداءة مخرجات التعليم ستظل حديث الصباح والمساء!
وبرغم أن ميزانية التعليم تحظى بأكبر حصة من الموازنة العامة للدولة؛ إلا أن الوضع يسوء لدرجة أن خريج المرحلة الثانوية حاليًا يتعثر في القراءة والكتابة! ويعجز عن الحوار والنقاش، وما لم تكن المدارس مراكزَ لبناء الإنسان الحديث، ومختبراتٍ للاختراع والاكتشاف ومعاملَ للأبحاث العلمية ومنابعَ للتقدم والازدهار فإننا سنستمر بتكرار جدلية التعليم والتخلف.
فالوضع التعليمي للطلبة دون المأمول بسبب ضعف كفاءة أغلب المعلمين، فضلاً عن المنهج التلقيني والنجاح المرقع بالترفيع تبعًا لفكرة افتراضية نجاح الجميع استنادًا على اقتصاديات التعليم التي تقضي بعدم الرسوب مطلقًا كونه فاقدًا اقتصاديًا دون النظر للمسألة التعليمية!!
ولأن مسؤولية التعليم كبيرة؛ فإنها تحتاج جهدًا مضاعفًا واختيارًا دقيقًا للمعلمين والقيادات وإعادة النظر بالشكل التقليدي للمدرسة وكيفية إداراتها.
ومن المحتم الاهتمام بتقييم الماضي والتخطيط للمستقبل والاستعانة بالخبرات الوطنية والتجارب الدولية في هذا المجال لإكساب الطلبة المهارات الاجتماعية، إلى جانب التعليم الأكاديمي وما يتناسب معه من صقل للسلوك وتدريب على المناقشة والحوار البناء وتعميق الانتماء للوطن والمحافظة على مكتسباته وعدم العبث بأمنه، وتقدير المواطنين وحفظ حقوقهم وترسيخ القيم الأخلاقية مثل رفض جميع أشكال العنف، وتعزيز مكانة المعلم كركيزة مهمة في العملية التعليمية.
ولا شك أن قرار الوزارة الموفق بإسناد تعليم الذكور في المرحلة الابتدائية للمعلمات أمل تحقق، ولكن لا أعلم سببًا من التخوف بدمجهم مع البنات في فصول واحدة واجتماعهم في ساحة موحدة وصالة رياضية، لخلق حالة من التعايش بين الجنسين، والتقبل للإناث ككيان اجتماعي وإنساني بما يخلق مستقبلاً التقدير المتبادل بينهما بعد مرحلة طويلة من التهميش والنظرة الدونية للمرأة.
وزال الطموح بإطالة وقت اليوم الدراسي لانشغال الوالدين بوظائفهم في القطاع الخاص حيث لا ينتهي دوامهم إلا عند الخامسة مساء مع ضرورة تهيئة البيئة المدرسية باشتمالها على فصولٍ ومعامل مناسبة للدراسة، ومطاعم لتناول الغداء، وصالات رياضية.
إن التعليم الذي لا يبني الفرد ويغرس فيه القيم الأخلاقية لن ينتج إلا عقول خاوية.