الأحساء - عايدة بنت صالح:
في ليلة كان عنوانها الوفاء والامتنان لمن رحل وترك بصمات لا تُنسى، ووسط حضور لافت من أبناء أسرة الشبيلي والمثقفين والمثقفات من الأحساء ومن خارجها يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن بدر بن سعود آل سعود، وضمن مبادرات نادي الأحساء الأدبي، كان الموعد مع ندوة الوفاء والتكريم لرمز من رموز الوطن في الإعلام والتاريخ والثقافة والإدارة في المملكة العربية السعودية لتأبين الراحل الدكتور عبدالرحمن الشبيلي، وهي ندوة متوجة بحضور رموز المثقفين والأدباء بالأحساء وخارجها وفاءً لرجل قدم لوطنه صورة مشرفة للإعلامي الناجح، وهي الصورة التي يعرفها الكثيرون أما الحديث عن الجانب الإنساني وإضاءاته التي مهدت الطريق لغيره في مجال الإعلام فقد تحدث عنها ثلاثة ممن صاحبوه وهم الأستاذ حمد القاضي عضو مجلس الشورى سابقًا والأستاذ محمد الماضي مدير القناة الثقافية سابقًا والدكتور نجيب الزامل عضو مجلس الشورى سابقًا.
بدأت الندوة بمقدمة لمدير الندوة الدكتور عبدالعزيز الحليبي الذي تحدث عن مولد الشبيلي وتدرجه في الدراسة والوظائف التي تولاها والكتب التي ألفها مؤكدًا ريادته في المجالات التي عمل بها حتى وفاته -رحمه الله.
بعد ذلك ألقى رئيس النادي الأدبي الدكتور ظافر الشهري كلمة النادي التي أشار فيها إلى أنه بالرغم مما في النفس من مشاعر الحزن على الفقيد فإن عزاءنا أن تقوم مؤسساتنا الثقافية بدورها في تكريم المخلصين من أبناء الوطن رجالاً ونساء، وما يقدمه نادي الأحساء الأدبي هو إيمان من الأحساء وأهلها وناديها بحق قامة من قامات الوطن خدم وطنه وأبناء وطنه طيلة أيام حياته، ثم قدم شكره لشركاء النجاح ومنهم محافظة الأحساء ومساندة سمو الأمير بدر بن محمد بن جلوي ووكيل المحافظة الأستاذ معاذ الجعفري لأنشطة النادي وبرامجه، كما شكر رئيس النادي الشريك الثقافي المتمثل في جامعة الملك فيصل ومديرها الدكتور محمد العوهلي الذي كان من حضور الندوة، كما شكر للدكتور عبدالرحمن الجعفري الذي ذلل الصعاب لإقامة هذه الندوة وشكر الضيوف، وفي نهاية كلمته تلا رئيس النادي وثيقة وفاء وتكريم من أدباء وأديبات ومثقفي ومثقفات الأحساء للراحل وتم تقديمها لحفيده عبدالرحمن بن طلال الشبيلي.
كان أول المتحدثين في ندوة التأبين هو الدكتور نجيب الزامل الذي ذكر أن الدكتور عبدالرحمن الشبيلي هو صيغة إنسانية لنظرية النسبية بأبعادها، فالراحل كان أديبًا وكاتبًا وإعلاميًا ورجل علاقات عامة من الطراز الفريد، وكان الأول في مجالات عدة، فهو أول مذيع سعودي وأول سعودي يحصل على الدكتوراه في الإعلام، ولم يكن يومًا في الظل لما يملكه من طاقة متجددة ونضارة في الفكر، بالإضافة إلى إمكاناته التي أهلته لهذا السبق وما يمتاز به من قوة الملاحظة واختلافه عن الآخرين، وفي نهاية حديثه دعا الزامل بالرحمة للفقيد.
ثم انتقل الحديث إلى الأستاذ حمد القاضي الذي استشهد بمقولة الزيات عن البشر حين يتحدثون عن شخص ويحتارون ماذا يقولون لتعدد مناقبه، ففضاءات الشبيلي كثيرة، واكتفى القاضي بالحديث عن بعض جوانب الشبيلي الإنسانية التي يراها هي المفتاح لمعرفة شخصه -رحمه الله- ومنها حنانه الذي أحاط به أسرته وأسرة ابنه الراحل طلال وتعامله مع أولاده، وانتقل إلى صنع المعروف من خلال موقفه مع أحد الكتاب الذين لا يعرفهم وفكه لضيقته، وانتقل إلى الحديث عن نشره للفرح في قلوب الآخرين وعفوه وتسامحه وصبره.
وفي حديثه عن الدكتور عبدالرحمن الشبيلي بدأ الأستاذ محمد الماضي بشكر نادي الأحساء ممثلاً في رئيسه الدكتور ظافر الشهري لمبادرتهم الوفية في حق علم من أعلام الوطن، مستعرضًا ذكرياته مع الراحل منذ أن كان الماضي في المرحلة المتوسطة حتى التحاقه بقسم الإعلام وتلمذته على يديه، مؤكدًا مشروع الشبيلي المتفرد في تقديم رواد الإعلام السعودي وصولاً إلى التسجيل معه 7 حلقات وثائقية في احتفال التلفزيون السعودي بذكرى تأسيسه الخمسين، وفي نهاية حديثه دعا للراحل بالرحمة والغفران.
وتأتي النهاية للندوة من صديق عمره اللواء عبدالقادر كمال الذي غالبته دموعه فغلبته وغلبت الحاضرين الذي قدم لقصيدته بمقدمة نثرية شكر فيها نادي الأحساء ورئيسه وأعضاء النادي، ثم ناجى صاحبه أبا طلال قائلاً له: كيف ارتضينا أن نودعك الثرى ومكانك ومكانتك في القلوب والأكباد، وعدَّد مآثر الفقيد داعيًا له بالرحمة والمغفرة، ورثاه بقصيدته «دموع نشيدي» قال فيها:
أي عيد؟ وما فرحت بعيدي
والشبيلي مغيب عن قصيدي
أي عيد وقد دفنت مسراتي
وأنسي وطارفي وتليدي
غاب، لا غابت المودة من قلب
محب ومن دموع نشيدي
غاب جسمًا وروحه تتهادى
من بزوغ الصباح حتى الهجود
ثم ختمها بقوله:
إن ألفت الحياة بعدك حينا
فلكي يرتقي إليك قصيدي
وفي نهاية الندوة تم تكريم المشاركين والتقاط الصور التذكارية مع الضيوف.