زكية إبراهيم الحجي
تغييرات جذرية ولافتة في غالبية المناهج الدراسية وخاصة منهج التاريخ الذي ظل يُدرس لأكثر من نصف قرن دون أن يتغير محتواه أو تُعدَّلَ مضامينه كي يُلائم ما تشهده المملكة العربية السعودية من تغييرات على مختلف المستويات.. التغييرات التي طالت المناهج الدراسية لاقت ترحيباً واسعاً من غالبية أطياف المجتمع وهذا ما اتضح من خلال تداول بعض الصور في وسائل التواصل الاجتماعي.. مع تعليقات تُشيدُ بهذه الخطوة التي طال انتظارها.
غالية البقمية الشخصية التي ذاع صيتها في التاريخ القديم وقالوا إنها دخلت التاريخ من أوسع أبوابه وكتب عنها الأعداء قبل الأصدقاء ووصلت أخبار شجاعتها وبسالتها إلى مسامع الفرنسيين وكيف قاتلت جنود العثمانيين حتى انهزموا هزيمة منكرة، فكانت محل إعجابهم بدليل تشبيههم لها ببطلتهم «جان دارك» التي واجهت الإنجليز.. وحاربتهم ببسالة منقطعة النظير يوم أن احتلوا جزءاً من بلدتها على الرغم من ذلك كله أُغفِل اسم غالية وسيرتها وتاريخها البطولي عن إعلامنا وساحتنا الثقافية بل غُيِبت تماماً عن مناهجنا الدراسية وأكاد أجزم بأن الغالبية من جيلي وجيلٍ وأكثر قبلي وبعدي هم مثلي لم يعرفوا شيئاً عن غالية البقمية إلا بعد أنهوا مراحل دراستهم وتخرجوا وكان ذلك من خلال قراءة التاريخ أو الثقافة العامة أو من خلال ما يرويه لنا الآباء والأجداد.
غالية شخصية حكيمة يُشهد لها بسداد الرأي ومعرفة دقيقة بأمور القبائل المحيطة بقبيلتها وصوتها لم يكن مسموعاً في المجالس فقط إنما كان هو المُتبَنى من قبل الجميع.. وعندما ذاع صيتها يوم أن قامت بفتح مخازن الأسلحة وتقديم المال والمؤونة ناهيك عن بث روح الحماس في نفوس شباب قبيلتها لمحاربة العثمانيين ومشاركتها البطولية في هذه الحرب مما أسهم في إنزال الفشل والهزيمة بالجيش العثماني الذي توهم بأنه سيسيطر على المنطقة.. ضاعف ذلك مخاوف الجنود الأتراك منها ومن نفوذها وأهميتها مما دعاهم إلى اختلاق روايات متعددة ومختلفة عن قواها العقلية حتى أنهم وصفوها بالساحرة.. وكم كانت هذه الروايات المختلقة سبباً في تثبيط همم الجنود العثمانيين وإلى زيادة ثقة القبائل بأنفسهم.
أيام قلائل تفصلنا عن العام الدراسي الجديد ويعود أبناؤنا إلى مقاعد الدراسة بحلةٍ جديدة ومناهج جديدة مرحبين بغالية البقمية التي تتصدر منهج التاريخ الجديد ومخلفين وراءهم مناهج صاغ معظمها شخصيات بارزة من جماعة الإخوان حيث كانت هذه الجماعة مبتلِعة الحقل التعليمي والتربوي لفترة من الزمن استثمرته في بث سموم مبادئها وفكرها فيما بين السطور.