أ.د.عثمان بن صالح العامر
من أصعب القرارات -في نظري- القرارات التي نتخذها أو على الأصح نشارك باتخاذها في حق الأبناء الذكور والإناث خاصة في هذا الوقت بالذات، خذ مثالاً على ذلك:
- قرار اختيار أمهم، طلاق أمهم، الزواج بامرأة أخرى على أمهم.
- قرار اختيار أسمائهم التي سترافقهم طوال حياتهم.
- قرار اتخاذ المنهج التربوي الذي سنسلكه معهم منذ الميلاد وحتى ساعة البلوغ، والذي يتولد عنه غالباً بناء قناعاتهم الذاتية العقدية والفكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفنية.
- قرار المدرسة التي نختارها ليتلقى كل منهم تعليمه فيها وصولاً للجامعة.
- قرار اختيار الخادمة -المربية- التي صار وجودها في البيت السعودي المعاصر، وعيشها مع أفراد العائلة صغيرة كانت أم كبيرة، ومشاركتها في رعاية وخدمة أبنائنا أمر واقع لا بد من الاعتراف به، والتكيف معه، وتوظيفه التوظيف الأمثل من أجل صلاح ونجاح وسعادة وصحة الأسرة.
- قرار اختيار الأصدقاء وجماعة الرفاق الذين سنسمح لهم مرافقتهم في سن مراهقتهم خاصة.
- قرار اختيار التخصص الجامعي الذي يحدد مسارهم الوظيفي في مستقبل حياتهم.
- قرار تمكينه أو تمكينها القيادة، ومن ثم شراء سيارة خاصة له أو لها.
- قرارهم الوظيفي بعد أن يشب أي منهم عن الطوق.
- قرار استقلاله في بيت خاص به يوماً ما، سواء أكان ذلك ملكاً أو استأجر، وأياً كان في المدينة التي يقطنها الأبوان أو خارجها.
- ومن أصعبها على الإطلاق قرار اختيار الزوج للبنت والزوجة للولد.
يعرف مقدار صعوبة وشدة القرارات ذات الصِّلة بالأبناء -الذكور والإناث على حد سواء- من مر بها كلها أو على الأقل بعض منها، والخطأ الذي يقع فيه جلنا للأسف الشديد:
- استقلاليته حين اتخاذ هذه القرارت التي البعض منها مصيري ومؤثر بشكل مباشر على حياة هذا الابن أو البنت طوال عمره.
هناك البعض من الشباب اليوم هم ضحايا قرارات خاطئة استقل بها الأبوان أو أحدهما وكانت النتيجة موجعة للأسف الشديد، وغالباً كانت هذه القرارات قرارات عاطفية آنية لا عقل فيها، ولا وجود لنظرة مستقبلية واعية وواعدة. وربما بنيت على رغبة هذا الأب أو تلك الأم أن يحقق الابن ما عجز عنه، فالأب مثلا يريده أن يتخصص في الطب لأنه كان يطمح لأن يكون هو طبيباً يوما ما، أو من باب حب الذات (حتى يقال إن ابنه دكتور) أو ما إلى ذلك، والأم تزوجه بنت أخيها أو أختها، أو ترفض زواج بنتها لأسباب ذاتية تخصها هي ولا علاقة للبنت بها وربما لم تعلم عنها وعلى ذلك قس.
- ترك الأبناء يواجهون الحياة بمفردهم ويتخذون قراراتهم المصيرية لوحدهم أو بمشاورة أصدقائهم الذين يماثلونهم التجربة ويقاربونهم العمر، وهذا الأمر هو كذلك من الأخطاء التي قد يتولد عنها دمار حياة هذا الشاب أو تلك الفتاة.
- والمنهج الأمثل والسلوك الصحيح في قراراتنا إزاء حياة أولادنا أن نتحاور معهم ونتشارك في اتخاذ قراراتهم خاصة المفصلية منها حتى لا تكون التبعة ملقاة على عواتقنا نحن فحسب بل هم شركاء في النتيجة ويتحملون المسؤولية أياً كانت ونحن كذلك، مع الدعاء الدائم لهم بالتوفيق والسداد والصلاح والفلاح، حفظ الله لنا جميعاً ذرياتنا، ووقاهم شر من به شر، ونور لهم دروبهم، ويسر لهم أمورهم، وجعل عواقبه إلى خير وفِي خير ومن أجل الخير، وإلى لقاء والسلام.