د. عبدالرحمن الشلاش
السوسة حشرة خبيثة، تدمِّر كل شيء تأتي عليه، وتؤدي إلى هلاك الزروع والأشجار.. لكن التدمير الذي تحدثه لا تظهر آثاره ونتائجه المؤلمة إلا بعد فترة طويلة من الزمن، وحينها لا بكاء ينفع، ولا شكوى تفيد. وفي حالات قد تستغرق عملية الإصلاح الجهد والمال والوقت، وقد لا يجدي ذلك إذا كانت الأضرار بالغة، والتخريب قد نخر بقوة فضرب في أعماق الأعماق!
تلك السوسة الحشرة، فماذا عن السوس الآدمي داخل المجتمعات البشرية، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، والأدوار التي تلعبها في تخريب العلاقات؟ هنا سأحاول تشخيص السوس أو السوسة داخل العائلة، وكيف تقوم بتدمير العلاقات، وتشتيت الشمل، ويا غافل لك الله.
السوس ينخر ويفسد والناس غافلون، لا يعلمون ما يدور، ولا يفيقون إلا على وقع الصدمات المؤلمة التي تصل إلى القطيعة والتشرذم وهجر بعض أفراد العائلة للمناسبات! تحت ذرائع قال فلان، وقالت فلانة، ونقل شائعات وأكاذيب، وتشويه سمعة.. ثم تنشأ التحزبات، وتتشرذم العائلة حين تصل إلى حالات من الانفصال، ونشوء التجمعات الصغيرة؛ فهذا يُدعى وذاك ما يصلح، وبتحزب شديد، إلى أن تصل الحال إلى أن يقتصر الجمع على عدد محدود جدًّا مع إقصاء بقية أفراد العائلة، وهذا ما كان السوس يهدف إليه.
لقد نجح السوس في مهمته، ونفَّذها بنجاسة وخبث. اعتمد في مهمته على الكذب بنقل أخبار غير صحيحة، ونقل الشائعات، واتهام الأشخاص، ونسب الأعمال الخيّرة لغير أهلها، والتقليل مما يقوم به بعض أفراد العائلة من أدوار، والتطبيل لمن لا يستحقون بدوافع، منها الحسد والغيرة، والرغبة في تفريق الجموع، وضرب الألفة والود والترابط والتلاحم في مقتل..
هذا نحبه، وهذا لا نحبه.. عنوان سيئ جدًّا، يقود للفرقة.. وإذا لم يتنبه أفراد العائلة لهذا السرطان الخبيث فإن السوس سيؤدي إلى قتل كل شيء جميل في العائلة السعيدة.