رمضان جريدي العنزي
عنده نزعات وميول نفسية معيبة، والأنا عنده كبيرة ومتضخمة، تتجسد في شكل أوهام وأرهاصات، تبرز بشكل سلوكي وقولي وتصرفات يغلفها الوهم والأنانية والغرور، يفتخر ويعتز بالذات بشكل مرضي ممل، بعيدًا عن الواقعية والموضوعية، في كل مرة ومناسبة واستراحة يعيد الشريط نفسه، و(الأكشنة) بأنه عمل وفعل، وشرى وباع واستثمر، وأعطى وتصدق، وأكرم وساعد وقدم، وسافر وحضر، وأن الناس من غيره وبدونه لا شيء، يطمع دائمًا إلى التألق بين الناس، يحب أن يكون المتحدث والراوي وصاحب الفعل والموقف والفلسفة، والمرشد والحكيم والموجه، أن تمجيد الذات، وإقصاء الآخرين عملية عبثية تدفع بصاحبها نحو منحدرات السقوط، وتؤدي به للهاوية، وتشكل غرورًا واعتدادًا بالنفس لا يجب أن يكون، لأن الغرور والنرجسية وحب الذات سلاح مدمر، يستعملها صاحب الأنا لإخفاء إخفاقات نفسية هائلة، أن الغارق بالذات يحاول إشباع ذاته المحرومة من الثقة بها، أن تكرار (أكشنة) المنجزات والأفعال وإن كانت ضئيلة لا تذكر، وصغيرة لا ترى، ومحاولة تضخيمها وتعظيمها دون الآخرين، يعد فعلاً ذميمًا يسهم في إغراق الذات في عالم الأكاذيب والأوهام التي لا وجود لها على أرض الواقع، أن صاحب الأنا المتضخمة لا يتحكم في نفسه، ففي كل مناسبة ووقت وحين، يحاول أن يبالغ في رسم دوائر هائلة حول نفسه، إطراءً ومدحًا وتمجيدًا، لا يحاول ترويض نفسه وترشيدها وعقلنتها، بقدر ما يحاول تزيينها وتجميلها بالقدر الذي يستطيع، وبالقوة العالية، ما عنده وعي مكتمل، لهذا نراه يعرض نفسه لانتقادات حادة نتيجة تصرفة وسلوكه وعبثيته المفرطة وعشوائيته البائنة، التي توقعه في مآزق والتباسات حادة، أن فقدانه للتوازن والانضباط يعد شرخًا عميقًا في نظرة الناس له، كونه يعيش اللامعقول والسطحية، ويتصرف بشكل منفلت لا وجود للانضباط فيه، ما عنده توخٍ، ولا حذر، ولا موضوعية، وفلسفته غير منطقية ولا مجدية، يحاول أن يكون مميزًا في لبسه ومركبه وهندامه، وحتى في طرحه الهلامي الذي لا يفضي إلى نتيجة، أن هاجس التفرد هو الذي يقوده، ويأخذ به نحو منحنيات لا علامات إرشادية فيها، ويوقعه في مطبات قاسية نتائجها تكون خطيرة، لا يستقر على حال، ولا يرضى بالموجود، فهو دائمًا يرغب بالمزيد، وفق رغبات غير محدودة وغير واقعية، ينصت كثيرًا لذاته، ولا يقنع بانتقادات الآخرين، يهوي ركوب الحماقات، والانعراجات والانحرافات غير المألوفة، يحسب نفسه خفيف ظل،وله عند الناس قابلية. إن حب الذات وتفخيمها بشكل كبير، والانسياق وراء غرائز ورغبات لا محل لها من التفكير الرصين والموضوعي، يعد تدميرًا للسلوك والأخلاق والتصرفات، وتبعد الناس عن صاحب الذات المتوحشة بسرعة فائقة وعاجلة.