د. أحمد الفراج
نواصل الإبحار والحديث عن أفضل رؤساء أمريكا، فبعد الحديث عن أفضل عشرة رؤساء عبر التاريخ الأمريكي، حسب معياري الاستطلاعات الشعبية وتقييم المؤرخين، تناولت في المقالين الماضيين الرئيس بيل كلينتون، الذي تم تصنيفه عاليا حسب تصنيف الاستطلاعات الشعبية فقط، دون رأي المؤرخين، الذين يعتقدون أنه رئيس جيد، لكنهم لا يدرجونه ضمن العشرة الأفضل، ولم أكن أنوي الاسترسال عن سيرة كلينتون، لولا أن قصة وصوله للرئاسة، التي تناولتها في المقال الماضي، كانت تستحق البسط، لأنه فاز بما يشبه المعجزة، وبمساعدة صديق أيضًا، وغني عن القول إن كلينتون تم عزله من الرئاسة من قبل مجلس النواب، بعد فضيحة مونيكا لوينسكي، وذلك بتهمتي الكذب وعرقلة سير العدالة، ولكنه نجا من العزل الفعلي، بعد محاكمته في مجلس الشيوخ، وفشل المجلس في الحصول على نسبة الأصوات الكافية للعزل، وهو ثاني رئيس في التاريخ الأمريكي، يتم عزله في مجلس النواب، ثم ينجو في مجلس الشيوخ، بعد الرئيس اندرو جانسون، الذي واجه ذات الشيء قبل كلينتون بأكثر من قرن.
بيل كلينتون، الذي ينتمي للديمقراطيين الجدد، له إنجازات كبرى، أهمها الرخاء الاقتصادي الكبير، إذ شهد الاقتصاد خلال فترتيه الرئاسيتين أطول فترة ازدهار في وقت السلم، عبر التاريخ الأمريكي، كما أنه وقّع على قانون نافتا، كما جرى في عهده إصلاح نظام الضمان الاجتماعي، والنظام الصحي للأطفال، كما حدثت إصلاحات أخرى يطول الحديث حولها، أما في السياسة الخارجية، فقد كانت له صولات، إذ كاد أن يحدث اتفاق، بين إسرائيل والفلسطينيين، خلال محادثات السلام، التي جرت تحت رعايته، في كامب ديفيد عام 2000، لولا تعنت الطرفين، كما ساهم بفعالية في محادثات السلام في آيرلندا الشمالية، وكان تدخله العسكري في البوسنة وكوسوفو هو أهم إنجازاته بكل تأكيد، وعرف عنه اهتمامه بعلاقات أمريكا الدولية، واحترامه لحلفائها، والعمل معهم على حلحلة قضايا العالم الشائكة، خصوصا في مواقع الاضطرابات، وهناك حقيقة ثابتة، وهي أن كلينتون غادر البيت الأبيض، وهو يحمل في سجله أعلى نسبة تأييد شعبي يحصل عليه أي رئيس، منذ الحرب العالمية الثانية، وهذا هو ما جعل تأييده لباراك أوباما، بعد أن أصبح الأخير هو مرشح الديمقراطيين رسميا، عاملا مهما في فوز أوباما بالرئاسة، والخلاصة، هي أن الشاب الفقير، بيل كلينتون، كان طموحًا وذكيًّا، شق طريقه في عالم السياسة بنجاح مبهر، وفاز برئاسة أمريكا، وأصبح واحدًا من أفضل رؤسائها!