د. شيمة بنت إبراهيم العتيبي
يعتبر القطاع الخاص الركيزة الرئيسية للواقع الاقتصادي للمملكة العربية السعودية؛ لذا اهتمت كثيرًا بهذا القطاع، وزاد هذا الاهتمام في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان آل سعود؛ فعند إعلان ميزانية الدولة لسنة 1440هـ، التي تجاوزت 1.106 تريليون ريال سعودي، جاءت كأكبر ميزانية في تاريخ المملكة؛ وهو ما يؤكد مدى قوة وقناعة صانع القرار الاقتصادي والسياسي في بلادنا من خلال إصدار قرارات الإصلاحات والتغييرات الجذرية للدولة بما يحقق اقتصادًا مزدهرًا، يعتمد على مدخرات البلد وأبنائه.
وجاءت من ضمن أهداف ورؤية المملكة لعام 2030 رفع كفاءة الإنفاق، وتحقيق الاستدامة المالية باهتمام وإشراف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتنفيذ الخطة حتى عام 2030 التي تعتبر - بحق - ثورة كبرى اقتصادية واجتماعية وصناعية بكل المقاييس. ولنفاذ تلك الخطة فقد اعتمدت المملكة من خلال هيئة الاستثمار على تأسيس لجنة حكومية داعمة للقطاع الخاص باسم (لجنة تيسير)، وهي لجنة مؤلفة من أكثر من (22) جهة حكومية، هدفها تمكين وتنمية القطاع الخاص لإحداث جملة أعمال متطورة ومستقرة في أداء الأعمال، وتوحيد الجهود للإصلاح، ومعالجة القرارات المتعارضة مع الجهاز الحكومي، وإزالة المعوقات التي تواجه تلك الأعمال التجارية. ودأبت المملكة على إشراك القطاع الخاص في صنع القرار عن طريق المشاركة الفعالة في اللجان وصولاً إلى رفع مستوى الإنتاج، ورفع مستوى التنافس في تحسين نوعية المنتج؛ لتكون المملكة من بين أفضل عشر دول متنافسة في العالم لعام 2030. واهتمت المملكة في استقطاب الشركات العالمية لغرض زيادة الاستثمار الأجنبي، وزيادة الإسهام في المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وهدفها هو زيادة الإنتاج المحلي ونوعيته.. وهذا ما تسعى لتحقيقه لجنة (تيسير).
كما سعت وزارة التجارة والاستثمار إلى إصدار القرارات والأنظمة واللوائح لجعلها أكثر فاعلية للمنافسة العالمية، وكذلك تطبيق برنامج الخصخصة، ورفع كفاءة وتنمية الصناعات والخدمات الوظيفية للقطاع الخاص. وأصدرت وزارة التجارة والاستثمار بعض القرارات التحفيزية، منها إطلاق مشروع (التزام) ومنح السجلات التجارية هوية موحدة، وربطها إلكترونيًّا مع الجهات الحكومية. كما أصدرت بعض التعليمات، منها إلغاء الختم، وعدم التزامها بالتوثيق، وكذلك إلغاء متطلب فتح الحساب البنكي، وغيرها من القرارات والتسهيلات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمستثمرين ورجال الأعمال، وإلغاء بعض الإجراءات في قطاع الجمارك، وهدفها هو تسهيل التجارة، وتمكين القطاع الخاص من النهوض والقدرة على منافسة الشركات الأجنبية.
ولوزارة المالية دور مهم في الإسهام بدعم استدامة شركات القطاع الخاص من خلال دعم تلك المشاريع والشركات بتقديم القروض طويلة الأجل لمختلف القطاعات، سواء كانت صحية وتعليمة وسياحية وعقارات كبرى.. وقد رصدت الوزارة أكثر من 3 مليارات ريال سعودي لهذا الغرض.
ولا يخفى على الجميع ما قامت به المملكة من إنفاق الأموال الطائلة على التعليم بمراحله كافة خلال السنوات الماضية عن طريق فتح المدارس، وإنشاء الجامعات في مختلف مناطق المملكة، وكذلك برنامج الابتعاث لمختلف الاختصاصات لغرض المساهمة في تطوير البنية التحتية للمملكة، إضافة إلى التوسع في برنامج التدريب التقني والمهني؛ وهو ما أدى إلى بروز موارد بشرية وطنية مؤهلة لتدير منشآت القطاع الخاص.
كما أن النمو الجيد للاقتصاد، وتحسُّن أسعار النفط، إضافة إلى الإجراءات الحكومية التي أسهمت في دفع القطاع الخاص إلى الأمام، ساعدت على إيجاد مشاريع نوعية وطنية لسد حاجة المملكة، وتشجيعها على تصدير المنتج السعودي إلى خارج المملكة.
ويمكن القول إن الخطة التي اعتمدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لعام 2030 كان من ثمارها نتائج مبهرة، تمثلت في ارتفاع أعداد منشآت القطاع الخاص، ولاسيما المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي استفادت بشكل رئيسي من خطة التحفيز والدعم المالي والتسهيلات التي هيَّأتها لها المملكة.. فقد ارتفع عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير؛ وهو ما أدى إلى توافر العمل لعدد كبير من المواطنين، وكذلك أدى إيجابيًّا إلى انخفاض حجم التحويلات الخارجية، وتحسين مستوى الدخل للأفراد، ودعم وتشجيع رواد الأعمال، واحتضان مشاريعهم.. وهذا أدى إلى انعكاس إيجابي على مجمل النشاط الاقتصادي للمملكة.
إنّ الدعم الذي وفَّره ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، برعاية وقيادة خادم الحرمين الشريفين لتلك المشاريع، انعكس بشكل إيجابي في ارتفاع كفاءة وتوسع ونوعية إنتاج القطاع الخاص؛ وهو ما أدى إلى تغطية نسبة كبيرة من احتياجات السوق المحلي، وزيادة صادراته؛ فأصبح للمنتج السعودي أسواق عالمية وسمعة طيبة.