فهد بن جليد
التطوُّر الكبير الذي تشهده المحاكم السعودية في عملها وإجراءاتها قفز اليوم إلى خارج أسوارها بنجاح؛ ليكمل عقدًا من الخدمات والميزات التي استحدثتها وزارة العدل مؤخرًا خارج أروقة المحاكم تسهيلاً وتبسيطًا لحياة الناس، بإنجاز احتياجاتهم في التوكيل والتوثيق وغيرها بعيدًا عن الخطوات التقليدية السابقة. وها هو دور التطوير اليوم يصل إلى عملية المصالحة والوساطة قبل الجلسات القضائية بعد اعتماد وزير العدل رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ الدكتور وليد الصمعاني قواعد ممارسة هذه المصالحة والوساطة. فالتنظيم الجديد الذي أُقر في (ذي القعدة الماضي) يضع الأمور في نصابها الصحيح بتأهيل واختيار وتحديد الأشخاص الذين يمكنهم ممارسة هذا النوع من التصالح والتوسط بين الأطراف المتخاصمة لحل النزاعات والخصومات بشكل ودي بالتراضي، وبما يحقق العدالة للجميع بعيدًا عن أروقة المحاكم وجلساتها، بمخرجات تنفيذية، تضمن للأطراف كافة حقوقهم.
الاجتهاد واستغلال احتياجات الناس وظروفهم، وتصدُّر المشهد بثوب الوساطة للتصالح بأهداف ومصالح بعضها خفي، لم يعد طريقًا معبدًا وموصلاً للمتنفعين الذين يقتاتون على خصومات الناس وخلافاتهم.. فالعملية أصبحت أكثر تنظيمًا بسبعة شروط، تؤكد أهلية وخبرة وقدرة مَن يقوم بهذه المهمة من (الرجال والنساء)، مع ضرورة اجتيازه المقابلة الشخصية، والتزامه بحضور الدورات التدريبية والعملية لتطوير قدراته، ورفع كفاءته للقيام بهذه المهمة الجليلة بالشكل الأمثل والأفضل الذي يضمن الإنصاف لجميع الأطراف، والمساهمة في بث روح الأخوّة والتسامح والتصالح بين المتخاصمين دون اللجوء إلى المحاكم؛ إذ ستعتبر هذه الاتفاقيات (سندات تنفيذية) وفقًا للمادة التاسعة من نظام التنفيذ، بمجرد اعتماد مركز المصالحة لمحاضر الصلح. وهذه النقلات النوعية والخطوات التطويرية والتحديثية تُحسب لوزارة العدل في جعل حياة الناس أسهل، بفتحها أكثر من باب وطريق جديد لمطالبتهم بحقوقهم، وضمان استعادتها.
التقنية وسرعة الإنجاز هما (عنوانان جديدان)، ستحتفظ بهما ذاكرتك بمجرد زيارة أي مرفق من مرافق وزارة العدل؛ لتكتشف بوضوح مدى التطوير والنقلة النوعية التي تمر بها محاكمنا؛ لتضمن مزيدًا من العدل والشفافية والاستقلال طمعًا في تجويد العمل وتطويره أكثر.. وما اعتماد قواعد المصالحة ضمن مبادرة تفعيل منظومة المصالحة، كإحدى مبادرات وزارت العدل في برنامج التحول الوطني 2020، إلا دليل آخر على أن تطوير هذا القطاع المهم (لا سقف ولا حدود له) بجعل المصالحة والوساطة خيارًا لحل النزاعات.
وعلى دروب الخير نلتقي.