نواف بن عبد العزيز آل الشيخ
قرأت للمؤلف محمد بن عبدالله السيف في كتابه الذي يحمل عنوان «صخور النفط ورمال السياسة». ويتحدث المؤلف عن سيرة ومسيرة وآراء وأفكار أول وزير نفط سعودي في تاريخ المملكة، هو عبدالله بن حمود الطريقي - رحمه الله -.
حمل الكتاب في طياته العديد من الفوائد الجمة، والخبرات المتنوعة، والمحطات العديدة، والتجارب المثيرة، والدروس المستفادة في حياة الوزير منذ طفولته حتى كهولته، منها ما كان محفزًا، ومنها ما كان ملهمًا، ومنها ما كان مرشدًا..
المجال هنا ليس عن محتويات الكتاب بشكل عام، ولكن الحديث عن أحد فصول الكتاب بالتحديد، وهو ما لفت انتباهي حقيقة عن رمز الوفاء سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه -.
يقول الكاتب إنه عندما غادر الوزير الطريقي منصبه في عام 1962م قضى رحلاته متنقلاً بين القاهرة وبيروت والكويت لأعماله الخاصة، ولم يعد إلى المملكة إلا بعد ثمانية عشر عامًا، أي في عام 1980م. ونما إلى علم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (أمير منطقة الرياض آنذاك) أن الطريقي يقيم مع أفراد عائلته في مجمع عمر العقاد «صديق الطريقي»؛ فكتب الملك سلمان - حفظه الله ورعاه - إلى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - الذي وجّه بسرعة شراء منزل مناسب، يهدَى للوزير السابق عبدالله الطريقي - رحمه الله -. وبعد فترة من ذلك التوجيه تلقى الطريقي اتصالاً من الملك سلمان بن عبدالعزيز (الأمير آنذاك)، دعاه فيه لزيارته في مكتبه في إمارة الرياض، وحينما استقبله - حفظه الله - سلم له صك المنزل، كما منحه - حفظه الله - شيكا بمبلغ مالي كبير، كلاهما هدية من الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله -، جعلها الله في موازين أعمالهما. ولم يكن هذا الموقف الأول والوحيد للملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - مع عبدالله الطريقي؛ إذ إن الطريقي حينما غادر بلاده السعودية كان يتقاضى الراتب التقاعدي المحدد وفقًا لسلم رواتب الوزراء لعام 1962م، وحينما عاد إلى المملكة عام 1980م تم تحسين وضع راتبه الشهري بما يتفق مع الوضع المعيشي الذي طرأ على السعودية بعد ثمانية عشر عامًا من الغياب، وتم التوجيه باعتماد صرف مبلغ مقرر شهريًّا، يتقاضاه من وزارة المالية، إضافة إلى راتبه التقاعدي.
والحقيقة التي لا تدع مجالاً للشك أن هذا الموقف وغيره من المواقف الأخرى المشرفة لأبناء الوطن بالعموم، وغير المستغربة من قِبل حكامنا، ما هي إلا صورٌ جميلة للتلاحم بين القيادة والمواطنين تقديرًا لمن شاركوا في بناء الوطن وخدمته على مختلف الأصعدة. فسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه - هو عنوان للوفاء، ورمز للإنسانية.. وأردت أن أذكر شيئًا ولو يسيرًا عن وفائه.
رحم الله من ورد ذكره في هذه القصة الجميلة، وحفظ الله سلمان الوفاء، وأمده بالصحة والعافية، وأيده بنصره.