حافظ محمد طاهر محمود اشرفي
المملكة العربية السعودية دولة كبيرة لها خصوصيتها ومكانتها الفريدة بين دول العالم، لأنها بلاد الحرمين الشريفين وأرض المشاعر المقدسة ومهبط الوحي وفيها الكعبة المشرفة بيت الله العتيق قبلة المسلمين، ومن خلال موقعها ودورها البارز الأساسي والمهم في خدمة الإسلام والمسلمين فهي تمثل الوجه المشرق والمشرف لهذه الأمة العظيمة من خلال تعاملاتها ومعاملاتها المبنية على الأصول والقيم والآداب الإسلامية التي تعزز حقيقة الإسلام وتؤكد للعالم سماحة الدين ووسطية المسلم المتمسك بالمنهج المعتدل الذي يعتمد على الكتاب والسنة في إدارة الحياة، ولا شك بأن الجهود السعودية واضحة للجميع، وبصمتها معروفة ونجاحاتها في جميع المجالات معروفة، ووسط المحافل الإقليمية والدولية أصبحت المملكة دولة معروفة بحرصها على تعزيز التسامح والتواصل مع شعوب العالم بوضوح يعرفه البعيد والقريب، ويخشاه العدو الحقود الحسود المتربص الذي يسعى بكل قوة لزعزعة الأمن والاستقرار في هذه الدولة العظيمة بلاد الحرمين الشريفين!! لأنها بلاد الحرمين الشريفين، ويتصدى أبناء المملكة بكل قوة وحزم لهذه المحاولات الفاشلة التي تستهدف النيل من أمنها واستقرارها، ويقف الشعب السعودي خلف القيادة الرشيدة بصلابة وعزيمة وبكل قوة لحماية تراب أغلى أرض على وجه الأرض، لا يلتفتون لهذه الجعجعة الإعلامية والإشاعات التي تسطرها أقلام السذج والمغرر بهم والمأجورين والخونة ومن اعتادوا على الكذب والغش ونشر الإشاعات وتلفيق التهم الباطلة لتشويه سمعة المملكة وقيادتها الرشيدة، ولأن السعودية موطن الإسلام الأول والسلم والسلام فشلت جميع محاولات المرجفين ولم تتحقق أهدافهم المغرضة المبنية على الحقد والحسد والكراهية، وتصدت المملكة لهؤلاء المتآمرين، واستمرت جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بمشاركة رجال الدولة المخلصين وكبار مسؤوليها ووزاراتها ومؤسساتها وقطاعاتها، واستمرت خدماتهم لضيوف الرحمن والعناية بشؤونهم ورعايتهم منذ وصولهم وحتى مغادرتهم لبلادهم وسط منظومة متكاملة من الخدمات المخصصة للحجاج.
أمن وسلامة الحجاج:
النجاح غير المسبوق الذي شاهده الجميع خلال موسم الحج لعام 1440هـ يعزز مجموعة من المفاهيم التي لا يمكن تجاهلها على الإطلاق لأن فريضة الحج مرتبطة بخامس أركان الإسلام، وهي عبادة عظيمة وفريضة يسعى للقيام بها جميع المسلمين من مختلف دول العالم، وخلال موسم الحج لعام 1440هـ، شاهد الحجاج على أرض الواقع، وغير الحجاج من خلال القنوات الفضائية ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والصحافة ما قامت به المملكة من جهود كبيرة لتنظيم الحج وخدمة الحجاج، وشاهد الجميع عناية إشراف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع على كافة أعمال الحج بشكل مباشر وخدمة الحجاج المبنية على خطة شاملة متكاملة مترابطة معتمدة على خطة لجنة الحج برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الذي كان يتابع جميع التفاصيل على مدار الساعة ويسعى مع فريق العمل المتخصص وخبراء الأمن والنقل والتفويج وإدارة الحشود لإنجاح موسم الحج لهذا العام 1440 هجري، وبفضل الله تعالى نجحت خطة الحج نجاحًا غير مسبوق أبهر العالم ويستحق أن يكون مثالاً ودرسًا عمليًا يستفاد منه في إدارة الحشود في مختلف دول العالم.
خدمة الحج والحجاج:
ما قدمته المملكة من جهود عظيمة وخدمات جليلة للحج والحجاج يعكس عناية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ومدى حرصهما على خدمة الإسلام والمسلمين والحجاج والمعتمرين وسعيهما الدائم لتحقيق النجاح الذي أدهش الجميع من خلال مشاهدات الحجاج على أرض الواقع، ومن خلال ما شاهده الجميع عبر وسائل الإعلام التي نقلت للعالم تفاصيل الحج على الهواء مباشرة على مدار 24 الساعة وتابعت تفاصيله مئات الملايين من المسلمين وغيرهم في مختلف دول العالم، وهو إنجاز جديد للمملكة شارك في تنفيذه جميع القطاعات والمؤسسات المكلفة بهذا العمل العظيم من خلال منظومة متكاملة وبرامج شاملة قام بها فريق عمل كبير يتجاوز عددًا كبيرًا من العسكريين والمدنيين المؤهلين الذين ساهموا في النجاح غير المسبوق وقدموا خدمات متواصلة طوال موسم الحج لحجاج بيت الله الحرام الذين أشادوا بهذه الجهود الكبيرة التي عززت أمنهم وحافظت على سلامتهم وحققت استقرارهم ورسخت الطمأنينة في قلوبهم بتوفيق الله تعالى ثم بالرعاية الكريمة من حكومة المملكة التي وفرت للحجاج جميع احتياجاتهم ويسرت كافة أمورهم أثناء تنقلاتهم بين مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بكل يسر وسهولة وبطريقة منظمة.
نجاح خطة الحج:
نجاح موسم الحج لم يأت من فراغ على الإطلاق، فلقد شاهدنا الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين وهم يتابعون كل الخدمات ويتجولون وسط الحجاج ويتفقدون المخيمات والتجهيزات ويتابعون جميع البرامج بكل حرص واهتمام بالغ، وشاهدنا القيادات الأمنية والمدنية والهندسية يشرفون على أعداد كبيرة من رجال الأمن والأطباء والمهندسين والمشرفين ومقدمي الخدمات يعملون ويجتهدون بكل إخلاص لتمكين الحجاج من أداء الفريضة في هدوء وسكينة وسط أجواء إيمانية لا يمكن أن تشاهدها في غير هذه البقاع الطاهرة، وهي من أهم ما يميز المملكة العربية السعودية وتتميز به قيادتها الرشيدة التي تستهدف في المقام الأول توفير أعلى درجات الأمن والاستقرار لضيوف الرحمن وجعلته هدفًا أساسيًا للدولة السعودية، وبلا شك فإن المسلمين في شتى بقاع الأرض يعلمون جهود المملكة في جميع المجالات ويثمنون ما تقوم به بقيادة خادم الحرمين الشريفين وبمتابعة من ولي العهد الأمين لخدمة الإسلام والمسلمين والحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين والزائرين، وسخرت جميع إمكاناتها ومؤسساتها ووزاراتها وكافة مسؤوليها لخدمة حجاج بين الله الحرام وتوفير سبل الراحة لهم قبل وصولهم وعند الوصول وحتى مغادرة الحجاج لبلادهم تحفهم عناية الله تعالى ثم الرعاية الكريمة من هذه البلاد المباركة التي وفقها الله تعالى للقيام بهذا الواجب العظيم وقامت به خير قيام وعلى أكمل الوجوه وأشملها. والمتابع لهذه التطورات السريعة في خدمات الحج والجهود المبذولة للتطوير والتجديد والتغيير سوف يشاهد حجم الأعمال والمشروعات التي تم تنفيذها على أرض الواقع لخدمة ضيوف الرحمن.
تطوير خدمات الحج:
قبل سنوات عدة كانت عملية رمي الجمرات من أصعب أعمال الحج ومشكلة كبيرة تقلق الجميع وخاصة كبار السن والمرضى والنساء، وبفضل الله تعالى أصبحت اليوم متيسرة للجميع بدون استثناء، بعد تطوير منشأة الجمرات والانتهاء من المشروع العملاق الذي جعل رمي الجمرات من أسهل أعمال الحج وأيسرها على الحجاج، وهكذا هو الحال قبل مشروع قطار المشاعر عندما كانت عملية التفويج بين المشاعر المقدسة مشكلة تسبب القلق للحجاج والمشغلين ومنظمي أعمال الحج، وأصبحت عملية التفويج اليوم متيسرة ومريحة للجميع وتوفر للحجاج منظومة متكاملة للنقل داخل المشاعر المقدسة من خلال تأمين 20 ألف من الحافلات الحديثة التي تنقل الحجاج بكل يسر وراحة وسهولة ولها مواصفات ومعايير عالمية توفر الأمن والأمان والراحة للحجاج، وأصبح مشروع طريق مكة من أهم المشروعات الناجحة التي ساهمت خلال مرحلتها الأولى في تسهيل رحلة الحج على الحجاج وتنظيم عملية السفر بطريقة تقنية تخدم الحجاج من بلادهم حتى عودتهم مرة أخرى في منظومة جديدة وفريدة من الخدمات العصرية التي يستمتع بها الحجاج بطريقة غير مسبوقة، وأصبحت عملية الحصول على تأشيرة الحج تتم من خلال شبكة الإنترنت مباشرة دون الحاجة لمراجعة السفارات السعودية في الخارج كما كان يتم في السابق، وتم تطوير خدمات السكن والإعاشة والمواصلات والاتصالات وتقنية المعلومات والتوعية والإرشاد، وغيرها من الخدمات التي تسهم في تسهيل رحلة الحج، ومن يهتم ويتابع ويبحث في رحلة الحج بين الأمس واليوم سيلمس بأن هناك نقلة نوعية وتطوير شامل أصبح حقيقة ملموسة على أرض الواقع، وأن التطوير يأتي ضمن أهم المتطلبات في إستراتيجية المملكة لخدمة الحجاج والمعتمرين، وأصبحت عمارة وتوسعة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ومشروعاتها العملاقة والخدمات المطلوبة لقاصدي هذه الأماكن المقدسة في مقدمة اهتمامات القيادة السعودية المباركة التي جعلت لخدمة الحرمين الشريفين ميزانية مفتوحة تعزز أمن واستقرار ضيوف الرحمن.
خدمات الحج بالأرقام:
خلال موسم الحج لهذا العام تجاوز عدد الحجاج مليونين ونصف المليون حاج، قام بخدمتهم 350 ألف مدني وعسكري شاركوا في تنفيذ خطة الحج من جميع القطاعات والوزارات والمؤسسات السعودية، استفاد من قطار المشاعر 360 ألف حاج، استخدم طريق المشاة المظلل 100 ألف حاج، تم توفير 20 ألف حافلة جديدة، استخدم الحافلات 2 مليون حاج، استفاد من الخدمات العلاجية لوزارة الصحة 500 ألف حاج، 400 حاج منوم تم توفير سيارات طبية مجهزة لتسهيل حجهم، 173 مستشفى ومركز وعيادة طبية لخدمة الحجاج بطاقة 5 آلاف سرير مجهز، تم إجراء 336 عملية قلب مفتوح وقسطرة للحجاج، تم إجراء 2700 عمليات مختلفة، استضاف برنامج خادم الحرمين الشريفين 6500 حاج من 73 دولة من خلال البرنامج الذي يعتني منذ سنوات عدة بكبار الشخصيات الإسلامية ويتم اختيارهم من خلال برنامج متكامل نجح في تحقيق رسالته وأشاد به العلماء والمفكرون وكبار المسؤولين والوجهاء من مختلف دول العالم.
أمن الحج والحجاج:
شاهدنا الجهود العظيمة التي بذلها رجال الأمن خلال موسم الحج، وقدم الجميع خالص شكرهم وامتنانهم وتقديرهم لرجال الأمن المخلصين في مختلف القطاعات العسكرية ورجال الدفاع المدني والجيش السعودي والحرس الوطني الذين كان لهم دور كبير وأساسي في النجاح الذي تحقق بعد توفيق الله تعالى في هذا النجاح الكبير الذي تحققة بفضل الله تعالى أولاً، ثم بالرعاية الكريمة من ولاة الأمر المباركين في هذه الدولة المسددة المملكة العربية السعودية، وقد شاهدنا رجال الأمن وهم يتسابقون لخدمة الصغار والكبار والرجال والنساء ولا يفرقون بين الحجاج ومذاهبهم ومعتقداتهم بمختلف ثقافاتهم، لأن التركيز يستهدف تحقيق خدمة جميع الحجاج بدون استثناء ولا تفرقة والقيام بالعمل بجد وصدق وإخلاص وتفانٍ، وأصبح موضوع التطوير علامة فارقة في منظومة أعمال الحج، وأصبح النجاح مطلبًا أساسيًا لجميع البرامج التي تقدمها المملكة العربية السعودية لضيوف الرحمن.
شكر وتقدير للمملكة وقيادتها:
نشكر الله تعالى على فضله وتوفيقه للمملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة وأبنائها المخلصين الذين قاموا بهذا العمل الكبير وأعانهم الله تعالى للوفاء والصدق والإخلاص والبذل والعطاء للإسلام والمسلمين وخدمة الحج والحجاج، ونسأله تعالى لقائد الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان التوفيق للمزيد من الجهد والعطاء، سائلين المولى سبحانه وتعالى أن يحفظ هذه البلاد المباركة وشعبها المخلص من كيد وعبث الحاقدين الحاسدين المتطرفين المتشددين الإرهابيين الذين يستهدفون النيل من وحدة الأمة وحدودها وحقوقها وأراضيها وتفكيك صفوفها وتلاحمها شعوبها.
** **
- رئيس مجلس علماء باكستان