عبدالعزيز السماري
في سباق آخر يختلف عن مفاهيم السباق في عالم العرب، احتفظت كوريا الجنوبية باللقب العالمي في مؤشر بلومبرج للابتكار لعام 2019، على الرغم من التحسينات التي قامت بها ألمانيا في مجال البحث والتعليم والتي جعلت من الاقتصاد الأوروبي الأكبر يتقدّم في الترتيب السنوي، وصعدت الولايات المتحدة إلى المرتبة الثامنة..
يحلِّل مؤشر بلومبرج للابتكار السنوي في عامه السابع، عشرات المعايير باستخدام سبعة مقاييس، بما في ذلك الإنفاق على البحث والتطوير، والقدرة على التصنيع وتركيز الشركات العامة ذات التقنية العالية، ويعتقد علماء الاقتصاد أن من خلال باب الابتكارات تأتي السيطرة على الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين والخاسر يفقد السيطرة على التقنيات المبتكرة، وصول كوريا إلى المركز الأول، وتحول الصين إلى التصنيف العالمي بمثابة تذكير بأن الحرب التجارية الأمريكية قد تتباطأ، ولكنها لن توقف الصعود التكنولوجي لآسيا.
من أجل أن تبدأ دولة في تغيير سياستها من أجل زيادة نسب الابتكار عليها أن تطور ثقافة العمل والتخلص من البيروقراطية والمصالح القصيرة الأجل، وتخصيص موارد إضافية للابتكار، بالإضافة إلى توفير الحوافز والمكافآت للابتكار، ومن خلال هذه الرؤية قد نبدأ في اللحاق بالركب العالمي في مجال الابتكار..
يعمل اقتصاد الابتكار على تحويل اهتمامات المجتمعات في جميع أنحاء العالم إلى أهمية الأفكار الجديدة، بدلاً من الاقتصادات التي تركز على تطوير وتوزيع السلع القيمة من الموارد النادرة كالذهب والنفط والنحاس، فإن الهدف الجديد للمجتمع هو زيادة جودة الحياة للجميع وتوسيع الثروة من خلال تطوير نماذج أعمال ومنتجات وخدمات جديدة وأشكال الإنتاج.
نحتاج محلياً إلى تعديل وتغيير في الأنظمة من أجل تحويل المجتمع من رغبوي واستهلاكي إلى ابتكاري، فقد تراجعت إستراتيجية دعم البحث العلمي في مختلف القطاعات، ولا بد من زيادة فرص الابتكار ودعمها ومكافأتها، وإذا لم نتعلّم من قصة كوريا الجنوبية فسنظل نغني عن هبوب الشمال وليالي الصحاري والخزامى.
نحن نواجه تحديات غير عادية، أولها الحاجة إلى ابتكار غير مكلّف لحل مشكلة تحلية المياه، هذا مجرد مثال، لكن الصورة الأكبر تقول إن الاقتصاد لا يمكن أن يتطور إلا من خلال ابتكارات جديدة ومتواصلة، ويبدو أننا نعاني من تبلد ذهني بسبب عوائد النفط، فقد اعتدنا أن نشتري ما نحتاجه بثمن النفط مما عطَّل القدرة على البحث عن الحلول والأفكار الجديدة.
أصدر البيت الأبيض مؤخراً إستراتيجية للابتكار الأمريكي بعد أدرك خسارته للرهان، إنهم يريدون الاستثمار في البحث والتطوير، ووضع سياسات وأنظمة أفضل لتشجيع الابتكار، والتركيز على المجالات الإستراتيجية مثل المدن الذكية والتكنولوجيا التعليمية، وزيادة قدرة الحكومة على الابتكار.
إنشاء اقتصاد ابتكاري يتطلب التفكير خارج الصندوق والتحدي المستمر وإيجاد الحلول، وتشجيع الشركات في إدراك أنه إذا أرادوا المنافسة، عليهم أن يكونوا أكثر مرونة، وأن يشجعوا على زيادة الإبداع والإبداع، وأن يتكيّفوا بسرعة مع متطلبات السوق، لقد أجبر اقتصاد الابتكار الحكومات والشركات على أن تكون في حالة نمو مستمرة، هناك دائماً شيء جديد للتعلّم أو وسيلة للتحسين، فهل ندرك هذا الأمر قبل نفاد القوة الشرائية للنفط؟!