د. عبدالرحمن الشلاش
لدي قناعة أن القائد الجديد لأيّ مؤسسة حكومية أو خاصة لا يحتاج لوقت طويل كي يثبت نجاحه أو على الأقل إظهار بوادر هذا النجاح متى ما كان لديه فهم بمشكلات الجهاز الجديد ورؤية واضحة للتغيير وأهداف محددة وبرامج متكاملة وصفات فطرية «كاريزما» تجعل منه شخصاً إيجابياً يتسم بالمرونة والقدرة على تكييف الظروف والنظرة الثاقبة والقدرة على الإقناع وزرع الثقة والود والمحبة بين المرؤوسين. البعد الإنساني هو الفارق الأبرز بين القائد والإداري وإلا فإن كلاً منهما يقوم بنفس الأدوار الإدارية المعتادة من تخطيط وتنظيم وغيرها من العمليات الإدارية.
القيادة الإدارية تقوم غالباً على الفكر قبل المال لأن المال بدون فكر مصيره الهدر والتبذير والتبديد.. بدون فكر لا وجود لرؤية ولا أهداف، ولذلك وجدنا قيادات حظيت بالثقة بتعيينها في مواقع مهمة لكنها غادرت دون أن تضع أيّ بصمة، بل إن بعض القيادات أعفيت نتيجة تخبطاتها وعدم مقدرتها على تحقيق الحد الأدنى من النجاح. يقول وارن جي بينس «القيادة هي المقدرة على ترجمة الرؤية إلى واقع ملموس».
كثير من القيادات الإدارية خاصة في المجالات التنفيذية لديهم كل الإمكانات المادية والبشرية لكنهم لا يحسنون الاستفادة منها بالشكل الصحيح وتحويلها إلى أدوات فعالة في عمليات التحديث والتطوير واتخاذ القرارات النوعية والمؤثرة في مسيرة العمل. أن أيّ شخص يتولى مسؤولية ولا يترك له بصمات وأثر من بعده هو ببساطة مثل من توكل إليه مهمة حراسة مقدرات المؤسسة والحفاظ عليها وتسليمها لمن يخلفه في نهاية المطاف.
الفكر السليم والشخصية القوية أبرز دعائم نجاح القائد.. يقول جون سي ماكسويل المفكر الأمريكي في كتابه قوة القيادة: «أول درس يجب علينا تعلمه هو أن القيادة بمفهومها العام تنبع من الشخصية القوية، ووضع دعائم للشخصية القوية شيء أساس لتدعيم السلوك القويم. ستصبح ثقة أتباعنا ومدى تأثرهم بنا على مستوى مواز لقوة شخصيتنا».
قوة الشخصية ليست بالقسوة والتسلط، بل بالحزم والعزم على تحقيق أفضل النتائج من خلال فريق مترابط ومتماسك لديه الإرادة القوية والشغف وحب العمل تسوده الألفة والود.
الخلاصة أن عالم اليوم وبناءً على متغيراته السريعة واحتياجات المجتمعات البشرية المتنامية بحاجة للقادة الذين يعملون وفق رؤية واضحة ومدروسة لا مجرد إداريين يمارسون العمل الروتيني المعتاد والذي يستطيع القيام به أصغر إداري، ولا لذلك الإداري غير الحكيم الذي يبدد مقدرات المؤسسة ويسهم في تسرب الكوادر الناجحة من منظمته لأنه لا يحسن فنون التعامل مع الآخرين، وليس لديه قدرة على فهم شخصياتهم والكشف عن قدراتهم ثم تحويلها لطاقة جبارة تسهم في النجاح المنشود.