تعتبر القهوة التجارة العالمية الثانية بعد النفط (حسب إحصائيات منظمة التجارة العالمية) وتطورت تجارة البن في العالم بشكل ملحوظ، وتحولت زراعة البن إلى صناعة بتسابق عليها المستثمرين لصنع علامة تجارية تدر عليها مئات المليارات، فتوسع المحلات العالمة في المقاهي ونموها المطرد وبشكل يومي (ستاربكس تفتح فرعين يومياً) فغدت محلات القهوة (الكافيهات) تنشر في مختلف دول العالم وفي الطرقات حتى أنها غيرت من سلوك وعادات الناس في تناول القهوة، علماً أن مزارعي القهوة يجنون أقل العوائد من مبيعات فنجان القهوة في العالم والربح الأكبر يذهب للمحامص والوسطاء والتجار والمستوردين ومحلات تقديمها بابتكار نكهات ومسميات تجذب المستهلكين.
وقديماً كان تقديم القهوة دليل الكرم وحسن الاستقبال للضيف وارتبط تقديمها لدينا بالعديد من العادات والسلوكيات والضوابط التي تختلف من منطقة إلى منطقة، إلا أن القاسم المشترك لدى الأغلبية أن تقديم القهوة للضيوف من المسلمات، ونتيجة لأهمية وقيمة الدخل العالي تأثرت منطقتنا بدخول أنماط محلات بيع القهوة حسب الثقافة الغربية والشرقية وكما حدث في أغلب دول العالم لاقت هذه المحلات رواجا كبيراً وسباقاً محموم بين الشركات لجذب المستهلك فانتشرت في كل مكان وتنوعت بين الأسماء العالمية (في الغالب) وبين تجارب لأسماء محلية نجح القليل منها في وضع علامة تجارية تحقق الربح والانتشار وعانى الأغلب في تحقيق أرباح معقولة وصمود في وجه المتغيرات الاقتصادية، حتى الشركات المحلية التي نجحت لم تستطع إيجاد هوية مستقلة وواضحة ومتميزة عن باقي الأسماء العالمية حتى أن قائمة المشروبات والمأكولات تتأثر بالعلامات التجارية (إلى حدٍّ كبير).
لذا أجد أن مجال العمل في القهوة له مستقبل واعد في الاستثمار وتحقيق فوائد مختلفة على جميع الأصعدة وأتمنى أن تكون هناك علامة تجارية تحت إشراف الغرف التجارية لإيجاد اسم وهوية تجارية للعمل في اتجاهين: (بيع البن بعد إعادة تصنيعه باسم تجاري) وإيجاد هوية لنماذج محلات (كافيهات) مع تصور متكامل عن لائحة المشروبات والطعام مع دعم لوجستي متكامل وتقديمه كفرصة استثمارية للشباب وتوفير الدعم المادي والتقني لهم لبدء مشروع تجاري تحت مسمى واحد كحال العلامات التجارية على أن يستفاد من التجارب المحلية القائمة وتجارب مشابهة في الهند ودول أخرى مع دعم رجال الأعمال والجهات الحكومية لتحقيق النجاح المحلي والإقليمي.. متمنياً أن نشهد تحولاً في التعاطي مع القهوة من كيف وتعديل الرأس والاحتفاء بالضيف إلى نافذة تجارية تحقق التوازن بين استثمار الشباب ودعمهم وتحقيق وتشجيع صنع علامات تجارية ناجحة تنتشر محلياً ودولياً وتجعل من عاداتنا في حب القهوة تتحول إلى حب متبادل ومصالح مشتركة.