ماجدة السويِّح
«متفوتنيش أنا وحدي» كلمات الأغنية الشهيرة لسيد مكاوي، ربما هي رسالة عالمية ملهمة لمكافحة الوحدة، ورسالة تعكس الواقع الحزين الذي استجابت على إثره حكومات لمحاربة داء العزلة.
الوحدة من التحديات التي تواجه الصحة العامة في عالمنا اليوم، لذا سارعت بريطانيا لتعيين وزيرة للوحدة مع تضاعف وباء الوحدة عام 2018، الذي يؤثر في أكثر من تسعة ملايين بريطاني يشعرون غالبًا أو دائمًا بالوحدة بحسب تقرير حكومي، حيث وصفت رئيسة الوزراء تيريزا ماي الوحدة بـ«الحقيقة المحزنة للحياة العصرية».
في الواقع تضاعفت معدلات الشعور بالوحدة في الولايات المتحدة، وفي بلدان أخرى، وانتشر وباء الوحدة، ولم تعد حتى المجتمعات العربية التي تقدس من دور العائلة والتواصل العائلي بعيدة عن هذا الوباء، حيث نشهد الآن بيوتًا عامرة بالأفراد، فقيرة في التواصل الحقيقي، وربما عمدت في التواصل بين أفرادها على تطبيقات التواصل الاجتماعي.
السؤال الذي يتبادر إلى ذهني مع تزايد الشعور بالوحدة، هل يمكن أن يكون التقدم التكنولوجي لتعزيز الاتصال مؤثرًا في إحساسنا بالاكتفاء عن التواصل الحقيقي، وبالتالي الشعور بالوحدة؟!
الحقيقة أنه على الرغم من تزايد استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي، ودورها في الاتصال السريع، وتكوين العلاقات الاجتماعية، إلا أن هناك من يعاني من الوحدة والعزلة التي تسلبه سعادته وصحته.
ولكن كيف يمكننا الشعور بالوحدة والعزلة عن الآخرين، بالرغم من قدرتنا على التواصل باستمرار عبر الشبكات الاجتماعية؟!
الواقع أن حجم التعرض باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي يلعب دورًا في إحساسنا بالوحدة، ربما أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي في إحاطتنا بالأشخاص من كل حدب وصوب، إلا أنها في حقيقتها زادت من الشعور بالوحدة، حيث تشير الدراسات إلى وجود صلة بين الوقت الذي نقضيه في التواصل الاجتماعي عبر الشبكات والشعور بالوحدة، فقضاء ساعات طويلة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، كبديل عن الاتصال الواقعي من المحتمل أن يزيد من مشاعر الوحدة.
وفقًا لدراسة حديثة وجد الباحثون أن المشاركين المتصلين بالإنترنت وتبلغ زيارتهم للإنترنت بـ50 زيارة أو أكثر خلال أسبوع ترتفع لديهم احتمالية العزلة الاجتماعية بثلاثة أضعاف، مقارنة بمن تبلغ زيارته للإنترنت أقل من تسع زيارات خلال أسبوع.
وفِي دراسة أخرى تم ربط العزلة الاجتماعية، التي تعني عدم وجود شعور بالانتماء والمشاركة الحقيقية والتفاعل مع الآخرين بزيادة خطر الإصابة بالموت.
بعد كل هذا التأثير السيء للشبكات الاجتماعية هل نستنتج أنها هي السبب في مضاعفة الشعور بالوحدة؟! من المهم أن ندرك أن وسائل الاتصال الاجتماعي هي أداة، علينا أن نحسن ونجود من استخدامها، لتكون حافزًا قويًا في مكافحة الوحدة، فالأمر يعتمد على الشخص، وطريقة استخدامه للشبكات الاجتماعية ومدته، وكذلك لعوامل أخرى مثل احترام الذات وتقدير النفس والحزن، قد تكون هناك أيضًا عوامل أساسية تستدعي التفكير بها قبل أن نلقي باللائمة على استخدام شبكات التواصل الاجتماعية.